يواجه الباحث فى شؤون الدين الإسلامى إسلام البحيرى، عقوبة تأييد الحبس سنة فى تهمة ازدراء الأديان التى رفعها عدد من المحامين مطالبين بحبسه، كما أنه يواجه قضية أخرى رفعها ضده الأزهر فى القضاء الإدارى مطالبا بعدم ظهوره على أى شاشة، وذلك لأنه تجرأ، كما يدعى الأزهر، على الشريعة وعلى التراث الإسلامى، ورغم أن البحيرى كان واجه نفس التهمة فى قضية سابقة رفعها عليه أحد المحامين وخرج منها بريئا، فإنه فى القضية الأحدث خرج مذنبًا بذات التهمة «ازدراء الدين وثوابته» وذلك أمر يخص القضاء وهيئة المدافعين عنه، أما نحن كعامة وخاصة فلنا قضية أخرى وتفاصيل مختلفة لنتحدث عنها ونطرح النقاش فيها للقاصى والدانى.
ولنبدأ بأطراف قضيتنا.. باحث قرر أن ينقل ما كان يكتبه منذ سنوات فى الصحف وفى مدونات لشاشة التليفزيون، فصار مقدمًا لبرنامج على شاشات التليفزيون فى بلد لا يقرأ أغلب أهله ولكنهم يستسهلون الحصول على معلوماتهم وهم جلوس أمام الشاشات مجرد متلقين بلا مجهود فى القراءة، فتحول ما كان إسلام يكتبه منذ سنين بلا رد فعل يُذكر إلى موضوع مثير للجدل والأخذ والرد، أما الطرف الثانى فى قضيتنا فهم مجموعة من المحامين بعضهم اكتسب شهرته من تقديم نفسه كحامى حمى الأخلاق والفضيلة فى قضايا تضم أسماء شهيرة يرفعونها ضدهم، فصاروا نجومًا فى البرامج وعلى صفحات الصحف، وانضم لهم آخرون يريدون أن يسلكوا مسلكهم فى البحث عن الشهرة بأسهل طريقة، أما الطرف الثالث فهو الأزهر المؤسسة الدينية الكبرى فى مصر، والمعبر رسميا عن الدين الإسلامى، وهى المؤسسة المتهمة بتخريج أغلب المتطرفين والتأثير فيهم بمناهجها، وهى أيضا المؤسسة المعروفة لدى العامة بأنها المسؤولة عن الإسلام الوسطى، إذن فنحن أمام تناقض صارخ بين الصورة المتعارف عليها وبين النتيجة الملموسة فيما يخص الأزهر.
أما الطرف الرابع فهم عوام الناس، مشاهدون للتليفزيون ومتابعون بلا علم متخصص، هال بعضهم ما يقوله البحيرى وصدقوه وآمنوا برأيه، وآخرون هاجموه وكرهوه لأنه فتح أبواب جهنم عليهم واستدعى عقولهم لتفكر وهى فى راحة وغفلة، وقليل من بدأ ينقب ويبحث فى صحة أو عدم صحة ما يقوله إسلام، وذلك كله أمر صحى إذا كنا نريد مجتمعا صحيحا معافى يفكر ويناقش ويختلف، إذن نحن صرنا فى جدل حول ما يقول عنه البعض ثوابت، ولست هنا لأناقش الثابت أو المتغير إلا فى حدود الواقع، الثابت أن الكل صار ضد الكل، والثابت أيضا أن الخطأ يطال الجميع ولكن بدرجات.
أصاب البحيرى حين حرك المياه الراكدة الآسنة بشكل جماهيرى، ولكنه أخطأ كمقدم برامج ورجل صاحب فكر يريد أن يبنى فاتخذ ككثير من مذيعى التوك شو والضيوف أسلوبا متطاولاً فى الألفاظ تجاه المختلفين معه، وما كان يليق به ولا بقضية فكرية بقيمة القضية التى يدافع عنها أن ينجرف فى هذا التيار، إذن أنا أختلف مع إسلام فى أسلوبه وليس فيما يقول ويسعى له، ولكنها الميديا ونقاط المشاهدة وكثافتها لعنها الله التى زغللت عينه، ولكن هذا بالتأكيد لا يمنح خصومه حق منعه، لأنهم لم يمنعوه لخطأ فى التناول، ولكن أراد فريق غاوى شهرة، وهم المحامون، منعه لغرض فاسد فى نفوسهم، أما الأزهر فيريد منعه لأنه يحطم جزءا من التراث الذى يعدونه من أصنامهم.
الخطورة فى قضية إسلام البحيرى أنها تعطى ضعاف النفوس والباحثين عن الشهرة دفعة للاستمرار، وتمنح الأزهر كمؤسسة دينية حق منع الاختلاف، وهو ليس حق له ولا لغيره، فقط كان يحق للأزهر أن يرد على إسلام ببرنامج أو بمقال أو بأى وسيلة للرد، أما أن يطالب بمنع ظهوره فهو ليس من حقه، الأزهر مؤسسة مسؤوليتها كبيرة فى زمن الفتنة والجهل، ولكنها لو تركت همومها الداخلية وراحت تجوب البلاد لتُسكت الأصوات المخالفة لها فإنها ستظل محلك سر وستظل تجر مصر وشعبها وكثيرا من المسلمين إلى الخلف در.. إسلام البحيرى أصاب مرات وأخطأ مرة، وهو فرد لن يجر أمة، أما الأزهر فقد أخطأ مرات ومرات ولم يصب هدفًا، أما المحامون إياهم، فـ«ربى خلص مصر منهم حتى تصفو لنا الحياة»، تلك كلمة هادئة فى زمن صاخب، فهل هناك من يسمع؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmed
الطيور على اشكالها تقع
عدد الردود 0
بواسطة:
الشيخ خالد الجندي ( مِن علماء الأَزهَر الشَّريف )
الأزهر ليس به أصنام
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد
دي كلمة هادئة دي يا استاذة ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مريم جمال
حرية الرأى
عدد الردود 0
بواسطة:
يارتني ما قريته
ربى خلص مصر من امثالك حتى تصفو لنا الحياة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود معروف
التجربة الدنماركية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد السعودى
المخ الشمال
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اجلا اوعاجلا سيتم اغلاق الازهر فهو غير مجدي اليوم فليس للدوله ان تدفع من مالها للتدين
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الله زكريا
كلمة هادئة ... برضو
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود صالح
فكر تحت العمامة