إدارة وزير التعليم العالى لأزمة الفئات المستثناة، كمن يشعل النار ثم يحاول إطفاءها بالبنزين، وسحبه السريع لقرار كان مصرا عليه، يهدر المصداقية والثقة والقدرة على إدارة الأزمات، ويخلق أجواء من الشائعات والبلبلة، ويرسخ مفهوم الارتجالية والعشوائية والجزر المنعزلة، فالمفترض أن تدرس القرارات التى تمس ملايين المواطنين بعناية فائقة، ويحاط مجلس الوزراء علما بها، لتقدير المواءمة السياسية، وردود الأفعال المتوقعة، فأساس عمل الوزير هو تفريج الأزمات وليس صناعتها، وأن يغلّب المصلحة العامة على الاعتبارات الشخصية، وأن تكون حواسه السياسية فى حالة يقظة تامة، والأهم وأن ينتصر للقانون ولروح العدالة والمساواة.
أولا: زج الوزير بأبناء الضباط والقضاة، متخيلا أنه يجامل الكبار، ضاربا بأحكام المحكمة الدستورية العليا عرض الحائط، لإصدارها أحكاما تاريخية سنة 1985، بإلغاء الاستثناءات بكل صورها، وكأن الزمن يعود للوراء.. ثانيا: أساء الوزير لأبناء الشهداء، عندما أراد توظيفهم لتمرير الاستثناءات، دون أن يصدر قرارا محترما، يرفع له الناس القبعة، اعترافا بتضحياتهم.. ثالثا: استخدم فزاعة الإخوان لإرهاب معارضيه، وألصق بهم تهما هم أبرياء منها.. رابعا: لجأ للفظ مطاط هو «اعتبارات الأمن القومى» لتزيل بها قراراته الفرعونية، وعندما سأله أستاذ جامعى عن مفهومه قال «مش من حقك تعرف».. خامسا: تعامل مع الأزمة بعصبية وتعالٍ، متصورا أنه أراد خيرا للمجتمع، ولكن العيب فى المجتمع غير المهيئ لخيراته.
لا يراودنى الشك فى وطنية وحيادية ونزاهة أعضاء المجلس الأعلى للجامعات، ولكن يراودنى الشك فى طريقة عرض الموضوع على المجلس، التى جعلت الموافقة بالإجماع إلا الدكتور جابر نصار، والدرس المستفاد هو ترسيخ مبدأ المسؤولية الشخصية، وعدم تحميل الدولة بأخطاء مسؤوليها، لأن السياسات المعلنة هى العدالة والمساواة ومكافحة الفساد، ولا يمكن أن تكون هناك قرارات سرية عكس ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة