وقالت الوكالة فى تقرير تلقت رويترز نسخة منه إن "ردود فعل دول مجلس التعاون الخليجى على مستوى السياسة المالية بشأن هبوط النفط ستكون محدودة على الأرجح مقارنة مع ما تفقده من إيرادات فى 2015 و 2016."
وأضافت أن "حجم التحديات المالية الناجمة عن هبوط سعر النفط يختلف من بلد لآخر ويرتبط إلى حد كبير بنصيب الفرد من إنتاج الهيدروكربونات."
وهبطت أسعار النفط نحو 60 % من مستواها فوق 115 دولارا للبرميل فى يونيو 2014 بفعل تخمة المعروض العالمي.
وعلى مدى العقود الماضية اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجى الست -وهى السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان والبحرين- على إيرادات النفط لتمويل حكوماتها. لكن كاهل الميزانيات يواجه الآن ضغوطا بسبب تضخم القطاعات العامة والإنفاق السخى على البرامج الاجتماعية بعد نزول أسعار النفط.
وفى أبريل نيسان قدر البنك الدولى أن انخفاض أسعار النفط قد يكلف دول مجلس التعاون الخليجى 215 مليار دولار أو حوالى 14 بالمئة من إجمالى الناتج المحلى لاقتصادياتها هذا العام.
وذكرت فيتش فى تقريرها اليوم أن بعض ردود الفعل التى تتبناها دول أخرى مصدرة للنفط على مستوى السياسة المالية يصعب على دول مجلس التعاون الخليجى تنفيذها أو تنطوى على مخاطر أكبر لها.
وأضافت "على سبيل المثال لا نتوقع أى تغيير فى ربط أسعار الصرف بالمنطقة لتخفيف حدة التعديلات المالية. فربط العملات من (العوامل الرئيسية) لمواجهة التضخم ومدعوم باحتياطيات ضخمة ويوجد التزام سياسى قوى به ولا خبرة للقطاع الخاص فى التعامل مع تقلبات سعر الصرف."
تعديلات مالية
وقالت فيتش إن الجهود الخليجية الرامية لتعزيز الإيرادات غير النفطية محدودة وإن اختلاف متطلبات التعديل المالى يجعل من الصعب تدشين مبادرات على مستوى المنطقة مثل تبنى خطط لتطبيق ضريبة القيمة المضافة على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي.
وتابعت "ترشيد الإنفاق عبر الدعم الحكومى الموجه بشكل أفضل وتحسين كفاءة الأداء العام على أجندة بعض دول مجلس التعاون الخليجى لكن قد يصعب تنفيذ ذلك بسبب عدم مرونة الإنفاق والمعارضة السياسية."
"لذلك يمثل الإنفاق الرأسمالى مصدر التعديل الرئيسى المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجى حيث تستمر المشروعات الحالية بصفة عامة لكن عددا أقل من المشروعات الجديدة يمضى قدما."
غير أن الوكالة استثنت بعض الدول من ذلك "مثل الكويت التى نتوقع فيها أن يرتفع الإنفاق الرأسمالى مع تحسن العلاقة بين الحكومة والبرلمان بما يدعم عملية التنفيذ، وقطر التى تلتزم بمستوى مرتفع من الإنفاق الرأسمالى حتى عام 2020 وهو ما يرجع فى جزء منه إلى استعدادها لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم."
وكان بنك الكويت الوطنى قال فى فبراير الماضى إن الإنفاق الحكومى فى الكويت نما بنسبة 9.6 بالمئة على أساس سنوى فى الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2014-2015 رغم انخفاض الإيرادات بسبب هبوط أسعار النفط مدعوما بالإنفاق الرأسمالى الذى ارتفع 31 بالمئة حتى ديسمبر كانون الأول.
ومن المنتظر أن تنفق قطر أكثر من 200 مليار دولار على الاستعدادات لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 فى إطار خطة رؤية قطر الوطنية 2030.
توقعات العجز والفائض
وقال تقرير الوكالة إن الكويت وقطر قد تتمتعان بقدرة أكبر على تحمل الإبقاء على مستوى الإنفاق الرأسمالى فى مواجهة انخفاض أسعار النفط نظرا لأن ميزانيتهما تتضمن أقل مستوى لأسعار النفط التى تحقق نقطة التعادل بين دول مجلس التعاون الخليجى (57 دولارا و55 دولارا للبرميل على الترتيب).
وتوقعت فيتش أن تسجل الكويت فائضا بالميزانية فى عامى 2015 و2016 "حتى مع تقديراتنا المعدلة لمتوسط سعر النفط (خام برنت) البالغة 55 دولارا للبرميل فى 2015 و60 دولارا للبرميل فى 2016"
وجاءت توقعات فيتش رغم أن الموازنة الكويتية للسنة المالية الحالية 2015-2016 التى وافق عليها البرلمان فى يوليو تتوقع عجزا قدره 8.18 مليار دينار (27 مليار دولار).
كما توقعت فيتش أن تسجل قطر عجزا ضئيلا نسبته 0.6 بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى فى 2015 وإن كانت تلك النسبة سترتفع إلى 5.3 بالمئة فى العام القادم.
وفى يونيو قالت وزارة التخطيط التنموى والإحصاء القطرية إن قطر تتوقع الآن تحول موازنتها إلى تسجيل عجز فى العام القادم هو الأول منذ 15 عاما وليس فائضا مثلما توقعت قبل ستة أشهر. وتشير تقديراتها إلى أن العجز قد يصل إلى 4.9 بالمئة تقريبا من الناتج المحلى الإجمالي.
وتتوقع وزارة المالية القطرية أن يتقلص الفائض المالى فى الموازنة بشكل ملموس ليصل إلى 1.4 فى المئة من الناتج المحلى الإجمالى الاسمى فى 2015 مقارنة مع 12.3 فى المئة فى 2014.
أما عن البحرين وسلطنة عمان والسعودية فتتوقع فيتش أن تسجل عجزا فى خانة العشرات فى 2015 وإن كانت الدول الثلاث ستشهد بعض التقلص فى العجز العام القادم مع تراجع الإنفاق الرأسمالى وبدء تعافى أسعار النفط "لاسيما السعودية التى نتوقع أن ينخفض العجز فيها إلى 8.7 بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى من 16.7 % بما يعكس بعض النفقات الاستثنائية هذا العام".
وفى ديسمبر أقرت الحكومة السعودية ميزانية توسعية لعام 2015 تتوقع أن تسجل المملكة أكبر مصدر للنفط فى العالم عجزا فى الموازنة قدرته عند 145 مليار ريـال.
كما تتوقع موازنة البحرين ارتفاع العجز إلى 1.47 مليار دينار هذا العام وإلى 1.563 مليار دينار العام القادم من عجز متوقع قدره 914 مليون دولار فى 2014. وفى سلطنة عمان من المتوقع أن يبلغ العجز 2.5 مليار ريـال بما يعادل ثمانية بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى السنوى للسلطنة.
وأشارت فيتش إلى أن مستويات الدين الحكومى العام للدول الثلاث ستواصل الارتفاع فى 2016 "مع استئناف الاقتراض أو زيادته من أجل تمويل العجز".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة