الجدل الدولى حول مستقبل الصراع فى سوريا، أخذ أشكالا ومضامين اختلفت من مرحلة لأخرى.. مع بقاء الثوابت على حالها، وأقصد بذلك مواقف كل من روسيا والصين وإيران.. أما الغرب بقيادة «واشنطن» فقد كان يتمسك برحيل الرئيس «بشار الأسد» ونظامه.. ثم تحرك ليطالب برحيل «بشار» فقط.. ومؤخرًا انسلخت أوروبا لتعلن بعض عواصمها، عن قبول تسوية بوجود الرئيس السورى.
هذه التطورات تؤكد انتهازية «واشنطن» بما لا يدع مجالا للشك.. ثم تكشف تخلى أوروبا عن شراكتها لأمريكا فى الانتهازية، ونزوعها إلى الحفاظ على مصالحها وأمنها الذى بات مهددا بالخطر.. بما يعنى أن الانتهازية تمثل حالة «رفاهية» عند الغرب يلعب بورقتها حين يريد، ويحرقها عندما يحتاج.. بينما «روسيا» تؤكد للعالم أنها حليف استراتيجى لمن تختاره أن يقف فى خندقها.. وذلك له معنى واحد فقط، يتجسد فى أن الولايات المتحدة الأمريكية التى فعلت المستحيل لكى تتخلص من الاتحاد السوفيتى على مدى عهود متتابعة ورؤساء مختلفين.. تمكنت من إعادة روسيا إلى قلب العالم وواجهته، عندما كشفت عورتها متمثلة فى ممارسة «رفاهية الانتهازية» وكان ما سمته الربيع العربى هو «الفاترينة» التى قدمت «واشنطن» من خلالها مفاتنها- القبح ذاته- على مسرح الأحداث.
وسط هذه الصورة أستطيع القطع، بأن علينا كعرب مراجعة مواقفنا تجاه النظام السورى الذى دفع أفدح الأثمان لتهوره.. لكنه يستحق أن نسانده فى تلك اللحظة حفاظا على سوريا التى تمثل رئة يتنفس بها ومن خلالها الوطن العربى.. وأعترف بأننى هاجمت وانتقدت «بشار الأسد» كثيرا على مدى السنوات الماضية، لكنى أتراجع لأدعم بما أملك- رأيى- أهمية استمراره باعتباره يمثل ضمانة الحفاظ على الدولة السورية واستمرارها.. فقد علمنا الغرب وفى طليعته «واشنطن» أنهم يستهدفون رأس النظام تحت شعار البحث عن الديمقراطية.. ثم نكتشف أن هدفهم هدم الدولة تماما.. ولنا مما حدث فى العراق نموذجا وعبرة.. ثم تكرار الأمر فى ليبيا.. ونشكر الله أن فى مصر قوات مسلحة استطاعت أن تجنبنا ذلك المصير الأسود.. ونحمد الله أن شعبنا كان واعيا حين نجح فى اقتلاع جذور جماعة التتار الجدد- الإخوان- يوم 30 يونيو.. ولم نسقط فى بئر «رفاهية الانتهازية»!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة