رأيى- وقد يكون خطأ يقبل الصواب- أن «سلبيات» تجربة هرولة رجال الأعمال نحو السياسة أكثر من «الإيجابيات»، لأن الزواج العرفى بين البيزنس والسياسة غير شرعى وباطل، ويخلق مراكز قوى ونفوذا، بسبب عدم الوصول إلى مرحلة من النضج، تمنع توظيف السياسة فى البيزنس، والبيزنس فى السياسة، فتسود العشوائية والارتجالية وتخلق مراكز قوى مهيمنة، جعلت من يقترب من رجال الأعمال أو يمارس تصرفاتهم بصراحة ووضوح، كأنه عدو للاستثمار أو خائن للوطن، أو مرتد عن شريعة الخصخصة والتحرر الاقتصادى، وضد التنمية والتقدم.
المسألة ليست كذلك، لأن الدول الغربية التى اخترعت الرأسمالية لا تفعل مثلنا، ولا تدفن رأسها فى الرمال، لكنها تحمى نفسها ومواطنيها ورجال الأعمال أنفسهم، من شرور امتلاك الثروة والسلطة فى آن واحد، بتحديد مجموعة من القواعد الصارمة التى لا يتسع المجال لاستعراضها الآن، أما عندنا فيريد البعض أن يختار نظام تفصيل على مقاس رجال الأعمال، فيعطيهم كل الحقوق، ويعفيهم من كل الواجبات، ومصر لها باع طويل فى هذا الشأن، وتعودت أن تأخذ من كل نظام أسوأ ما فيه، مثلما فعلنا مع الاشتراكية، فحولناها إلى بلطجة وفتونة وتكاسل وإهدار لقيمة العمل والسلوكيات المعوجة، وأخذنا من الرأسمالية الجوانب المتوحشة، وتركنا الضوابط الرحيمة التى تمنع الاستغلال والاحتكار واستغلال التفوذ.
الرأسمالية– مثل أى نظام– يمكن أن تصبح متوحشة إذا لم يتم تهذيبها لحماية الناس، وأن تؤمن لهم الدولة الحد المعقول من عدالة توزيع الثروات، وحتى لا يصبح الخير مثل ثمار الأشجار التى تنمو أعلى ولا تنزل أبدا لأسفل، ويجب أن نعترف ونحن على أبواب برلمان جديد، أن الضوابط مطلوبة بشدة، لعدم تكرار أخطاء الماضى، خصوصا أن رأس المال السياسى يستعرض عضلاته وقوته، ويطمع فى صدارة الصفوف فى المرحلة المقبلة، مما يستدعى اليقظة المبكرة، وإصدار تشريع واضح، ليس فيه ثغرات لفصل العام عن الخاص، بعيدا عن الكلام الأجوف الذى نسمعه حاليا عن الشفافية العذراء، أو أن القوانين الموجودة فيها الضوابط والضمانات، فهذا كلام غير صحيح، وسمح بانتشار الفساد السرى، وأن كل ما يعلن عنه هو مجرد إجراءات وهمية أو شكلية، ولا يوجد قانون يمنح قناصة البرلمان فى توظيف عضويتهم لجذب مزيد من الثروات، على طريقة «افتح يا سمسم»، دهب، مرجان، ياقوت .. أحمدك يا رب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة