فى عصور التعليم السحيقة حيث كانت المدارس تخرج أشخاصا أسوياء، وحين كان مدرس اللغة العربية يريد أن يلفت انتباه طلابه فيخصص حصة كاملة يسألهم فيها عن إعراب «إنَّ هندُ المليحةُ الحسناءَ... وأى من أضمرت لخلٍّ وفاءَ»، ثم يستهلك حصة تالية فى يوم آخر ليخبرهم بإعرابها الصحيح، من وجهة نظره.. الحقيقة أن كثيرا منا نسى إعرابها الصحيح لكننا ظللنا دائما نحب اللغة العربية ونعتبرها المادة الأكثر إثارة بعد حصة الألعاب، الآن لا يستحى الناس من يكتبون آراءهم على مواقع التواصل مليئة بالحكم والعظات.. والأخطاء الإملائية الفجة أيضا.
ظللنا نسخر من التاريخ حين روى لنا عن دفع الملوك والأعيان فى عصور الإسلام الأولى بأبنائهم للبدو فى الصحارى ليعلموهم الصبر والفروسية واللغة السليمة، فدار بنا التاريخ دورته ليعيدنا إلى عصور ما قبل الجاهلية، فماذا أثمرت سخريتنا..؟ أجيال مشوهة فكريا، وقضايا تافهة تبدأ من العدم وتنتهى إليه، وأخلاق ضائعة تكاسلنا حتى فى البحث عنها ووزير يسهو فيكتب «سهون»، وإعلاميون يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة فى حين لا يحفظون بيتا واحدا من الشعر العربى، وأقصى ما يعرفونه أن نزار قبانى شاعر عباسى، ومحمود درويش من عصر النهضة.
عندما يحتقر المجتمع لغته التى هى جزء من هويته، لا تنتظر منه نتاجا يرقى للمنافسة، أو فنا راقيا يسمو بعواطف أفراده، ولا تتوقع تحصيلا علميا يسهم فى تطور هذا المجتمع، حتى ما نسميه الآن «أدبا» يمكن إعادة النظر فى قيمته إذا قارنته بسابقيه، يصلح أن نطلق عليه «أدب الاستقرار» لكنه أسوأ حالا من أدب النكسة والانكسار وكل الآداب فى الفترات العصيبة.. أين الخلل إذن؟ فى التعليم المتدنى أم الفساد المتفشى أم الأنظمة الفاشلة..؟
لا تغلق القوس على منظومة التعليم فحتى الحكومة التى تنفق المليارات على هذا البند، لا يعنيها كثيرا كم يوما يعمل مجمع اللغة العربية فى الأسبوع، وتعتبره واحدا من مؤسساتها الهامشية التى تدفن فيها الخبرات التى عفا عليها الزمن، أو هكذا تظن.. ماذا تتوقع من حكومة لا تفرق بياناتها الصحفية بين الجنيه والجنية، ويكتبون «لاكن» و«طبعن» هكذا بكل ثقة.. تقول اللغة العربية على لسان حافظ إبراهيم: ولدت ولما لم أجد لعرائسى رجالا وأكفاء وأدت بناتى.
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامة عزالدين
همسة وسط الضوضاء
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد اللطيف
مأساة اللغة العربية
عدد الردود 0
بواسطة:
>.محمد نجيب
لا يجب أن نتحدث فقط ، لأن الموضوع جد خطير