تناولنا فى مقالين سابقين كيف يؤدى النظر إلى القرآن مجزءًا وبعيدا عن سياقات الآيات إلى كارثة، نعم هى كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فعليها تترتب مفاسد كثيرة أعظمها إزهاق أرواح الأبرياء وإعطاء صورة دموية غير حقيقية عن الإسلام الحنيف. واليوم نواصل الحديث عن هذا الأمر عبر هذا الحوار:
هو: لكن العلماء قالوا: «إن آية السيف ناسخة لما قبلها»، وهى قوله تعالى: «واقتلوهم حيث ثقفتموهم».
أنا: هذا كذب! لأن الإمام ابن تيمية نفسه يقول: «إن آية: «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحب المعتدين» هى الآية الحاكمة، والقاعدة العامة.
هو: أنت تقول إن الإسلام قتال دفاعى لرد الاعتداء، فماذا عن الفتوحات الإسلامية فى عهد عمر بن الخطاب وفتح الشام والعراق والانتصار على الفرس والروم؟!
أنا: الفتوحات كانت فى أصلها لمواجهة خطر يحيط بالدولة الوليدة ليقضى عليها حتى من أيام النبى صلى الله عليه وسلم أى: إنها كانت قضية سياسية، فمهاجمة الروم أيام النبى -صلى الله عليه وسلم- لأنهم كانوا يستعدون لمهاجمة المدينة، فقد كان هذا تهديدًا عسكريًّا، ثم إن الفرس والروم لم يكونوا أصحاب البلاد فى مصـر والعراق والشام، وإنما كانوا محتلين ظالمين، والمسلمون لم يحاربوا أهل البلاد؛ بل حاربوا المحتل، ورفعوا الظلم عن أهل البلاد، ثم قالوا لهم: «لا إكراه فى الدين».
هو: فماذا عن حديث النبى: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ...».
أنا: هذا نقص فى علمك لأن العلماء أجمعوا على أن التشريعات الكلية وأصول التشـريع لابد أن تكون فى القرآن، ولا يصح لنص قرآنى أن يعارضه أى حديث، فالحديث شارح فقط لتشـريع القرآن، ولا يناقضه، وإلا فالحديث غير صحيح، أو فهمه خاطئ.
هو: وما هى القاعدة التى يخالفها هذا الحديث؟
أنا: قوله تعالى: «لا إكراه فى الدين»، وقوله تعالى: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها»، فكل هذه الآيات إعلان عالمى للسلام، فالأصل فى العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم السلام وليس الحرب!
هو: فما تفسير الحديث؟
أنا: كلمة «الناس» فى اللغة يُقصد بها كل الناس كما يقصد بها مجموعة من الناس وليس الكل، قال تعالى: «الذين قال لهم الناس»، وكان القائل واحدًا فقط، «إن الناس»، أى: قريش الذين حاربوا النبى صلى الله عليه وسلم. فالنبى يقرأ المستقبل أن الحرب مع قريش لن تنتهى إلا بإسلام قريش وليس الحديث عن كل البشر.
هو: يا سلام! أنت بهذا تقضـى على أمر الله بالجهاد، وتميع الجهاد مصدر القوة فى ديننا الذى هو ذروة سنام الإسلام!
أنا: أبدًا؛ فالجهاد باقٍ إلى يوم القيامة، لكن؛ لكل عصر جهاده، فالنبى صلى الله عليه وسلم كان يقول: «خَلُّوا بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ»، وجاهدهم بالسلاح عندما منعوه عن الناس، فاليوم مع النت قد يكونوا خلوا بيننا وبين الناس، فنجاهدهم بالدعوة؛ قال تعالى: «وجاهدهم به جهادًا كبيرًا»، نزلت فى مكة قبل القتال، فكان المقصود بها الدعوة، فقد أغناك النت عن السلاح.
هذا نوع من الجهاد متاح أمامك للعالم، بل أنت تفسده بالعنف، ونوع آخر وهو الجهاد البنائى، جهاد العصـر، فمشكلة المسلمين الإنتاج، فهم كُسالى لا يعملون؛ لذلك يأتى غيرهم ويأخذ خير أرضهم.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لرجل حرفى مُتقن لعمله ترك عمله وسافر سعيًا للجهاد: «ارْجِعْ؛ فَإِنَّ عَمَلَكَ جِهَادٌ حَسَنٌ!»، وبعث سفيان بن مالك رضى الله عنه واليًا على البصرة، فبقى سنة، ثم استأذنه فى الجهاد، فقال له عمر: «أَوَلَسْتَ فِى جِهَادٍ؟!».
أنا: القرآنُ جملةٌ واحدةٌ كما شرحنا آيات الجهاد.
هو: لكن هناك تفاسير تقول غير ذلك كله.
أنا: القدسية للقرآن أم للتفاسير؟! التفسير يمكن أن ترده أما القرآن فلا..
أنا: هل عندك حجج أخرى؟!
هو:...............
أنا: لكن أنا عندى شىء!
هو: وما هو؟
أنا: أنا أرى فى وجهك قسوة وشدة وهذا عكس شخصية النبى صلى الله عليه وسلم
أنت تعيش تحت مظله فكر أعداء الإسلام وليس تحت مظلة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنت تواجه الصراع بفكر الصرع، هذا ليس فكر محمد صلى الله عليه وسلم!!
تحتاج لقراءة القرآن جملة واحدة فى كل الموضوعات الشائكة التى يؤدى قراءتها بشكل مجتزء إلى ظهور التطرف والإلحاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة