تعلمت عدم الإفراط فى التفاؤل، بقدر إصرارى على تحدى التشاؤم، كما عرفت وفهمت- بتجربة عمر- أن التحليل الموضوعى يقوم على المعلومات، شريطة ألا أكون طرفًا أو صاحب مصلحة.. وعلى هذه القاعدة أستطيع القول إن شريف إسماعيل نجح مرتين فى أول اختبار له كرئيس وزراء، أولاهما أنه احتفظ بقدرته على الإنجاز بالصمت، وثانيهما أن معظم- إن لم يكن كل- اختياراته للوزراء الجدد تسببت فى حالة ارتياح للرأى العام.
ربما يكون رئيس الوزراء قد صدمنا بحرصه على استمرار بعض الوزراء، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد، لاعتقادى أنهم يمارسون مسؤولياتهم على طريقة أحمد زكى فى فيلم «البيضة والحجر»، وأملى أن يحاولوا توفيق أوضاعهم، وما لم يستطيعوا فقد يلحقون بوزير الزراعة المحبوس على ذمة قضايا فساد!
أستطيع القطع عن يقين بأن تنصيب حلمى النمنم كوزير للثقافة يمثل طاقة أمل، ورغبة فى تقديم الوزير النموذج للمستقبل.. فهذا صحفى تميز بكفاءته.. مثقف رفيع المستوى.. إدارى يجيد العمل، وقادر على النجاح فى صمت.. صاحب موقف لا يتسرع فى بنائه أو اتخاذه.. وأشهد له على مدى ما يقرب من ثلاثين عامًا عرفته خلالها أنه لا يسعى ولم يسع لمنصب، بل إنه كان الأسرع فى التخلص من المناصب التى حاولوا إغراءه بها.. وأستطيع الحديث عنه كثيرًا، طولًا وعرضًا وارتفاعًا، لكنّ تجربته وأداءه كوزير سيقدمانه «للشعب المصرى الشقيق» بأفضل وأكثر مما أستطيع تقديمه به، ففرحتى بأن تبوأ حلمى النمنم منصب وزير الثقافة غسلت همومًا وأحزانًا كادت تخنقنى، لأنه كان الصحفى الذى احترم مهنته، فشهد له أقرانه قبل تلامذته ورؤسائه بأنه حالة تفرد تستحق التقدير، وحين أصبح رئيسًا لمجلس إدارة «دار الهلال» كان يدرك قيمة مؤسسته، فلم يتلاعب بمصيرها، أو يساوم من أجل التمتع بالمنصب، بل حرص على إعلان التبرؤ من أى محاولة لخداعه أو خداع زملائه بوجوده،.. ويشهد له من عرفوه مسؤولا فى هيئة الكتاب أو دار الكتب بأن ما قدمه يفوق صمته وجهده وإنجازه.. أما هو كمثقف، فلا أعتقد أن بيننا ناقدًا يستحق التقدير بقدر ما يستحق صديقى حلمى النمنم الذى أعلم أنه جاهز لرفض الصداقة إذا حاول أحد توظيفها للتأثير على قراره، ولعله عندما تكلم لأول مرة، شعر الناس بمعنى كلمة «رجل الدولة».. لذلك أهنئ مصر بوزير ثقافتها الجديد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر
رسالة للأستاذ حلمي النمنم
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرازق يوسف محمد رشدان
مقال في موضعه