كيف غزا الـ«فيس بوك» عشوائيات مصر ونجوعها..صفحة «برك الخيام» ظهرت لخدمة القرية «وإن طال الانتظار».. وشبابها منغمسون فى المحادثات وأطفالها يدشنون 3 حسابات فى الشهر لأنهم ينسون «الباسورد»

السبت، 19 سبتمبر 2015 01:57 م
كيف غزا الـ«فيس بوك» عشوائيات مصر ونجوعها..صفحة «برك الخيام» ظهرت لخدمة القرية «وإن طال الانتظار».. وشبابها منغمسون فى المحادثات وأطفالها يدشنون  3 حسابات فى الشهر لأنهم ينسون «الباسورد» فيس بوك
كتب - سهام الباشا - هدى زكريا - تصوير محمد الحصرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

«ورد الأصايل».. اختار الاسم للتعبير عن إعجابه بمحمد عساف.. وفكر مرة واحدة فى الشكوى عبر «فيس بوك» من انقطاع التيار الكهربائى



22 مليون مستخدم لـ «فيس بوك» من المصريين، ليس بالضرورة أن يكون جميعهم من أهل المدن والحضر والمثقفين و أصحاب الشهادات الجامعية، فقد استطاع الـ«فيس بوك» منذ ظهوره أن يتوغل بين قطاعات مختلفة داخل المجتمع المصرى، وأصبح من الطبيعى أن نرى صفحاته تحمل أسماء قرى و نجوع و عشوائيات تجمع فى عضويتها أبناء هذه المناطق، كمحاولة منهم لإبراز مشاكلهم، والحديث عن احتياجاتهم، أو من أجل لم الشمل بين أبناء المنطقة الواحدة، والترويج للمناسبات الخاصة وتبادل التهانى، أو قد يكون الهدف منها مجرد المدح فى المنطقة، وتحسين صورتها، ورسم نوع من الوجاهة الاجتماعية، اعتقادًا منهم بأن من التحضر أن تصبح لديهم صفحة على الـ«فيس بوك» عليها اسم منطقتهم بصرف النظر عن مضمونها.
اليوم السابع -9 -2015

فى محاولة من «اليوم السابع» للتعرف على كيفية غزو الـ«فيس بوك» قرى مصر ونجوعها

وعشوائياتها انطلقت جولتنا لعدد من القرى التى جاء فيها الترفيه والتسلية والبعد عن مشاكل الواقع كأهم الأسباب التى دفعت الكثير من الشباب إلى دخول العالم الافتراضى.. أهالى القرى والنجوع دشنوا بعض الصفحات للاهتمام بمشكلات، ولإبراز أخبار منطقة معينة، ثم حادت «البوستات» عن ذلك بمرور الوقت، وتحولت الصفحات إما لساحة سياسة، أو لعرض الصور والفيديوهات المضحكة.
اليوم السابع -9 -2015

البداية كانت من صفحة «قرية برك الخيام» التى جاء تعريفها تحت شعار «نتطلع لخدمة القرية بما نستطيع فعله و كلنا ثقة أننا سننجح حتى وإن طال الانتظار»، إلا أن الصفحة تحولت بعد ذلك الى الاهتمام بالشؤون السياسية، بعيدًا عن الجانب الخدمى والمجتمعى الذى نشأت من أجله.
اليوم السابع -9 -2015

وقد أصبحت المطالب الخاصة بالإفراج عن المعتقلين هى أهم أهداف الصفحة، فضلًا على «البوستات» التى تتحدث عن الظلم السياسى.. فى منطقة «برك الخيام» كان هناك عدد لا بأس به من المواطنين لا علاقة لهم بالـ«فيس بوك» بحجة أنهم يعملون ولا وقت لديهم، لكن الصورة اختلفت عند دخول أحد مقاهى الإنترنت فى القرية، حيث قال عبدالرحمن أبوزيد إن أغلب مستخدمى الـ«فيس بوك» من شباب المنطقة هدفهم هو «التسلية»، وليس الاهتمام بمشكلات القرية، قائلًا: «أغلبهم يهرب من المشاكل إلى هذا العالم الافتراضى، وتأتى المحادثات على رأس قائمة اهتمام الشباب بالفيس بوك، بينما يهتم صغار السن الذين تتراوح أعمارهم بين سن 8 سنوات و14 سنة بالألعاب الموجودة عليه، مثل لعبة المزرعة السعيدة و الشطرنج».
اليوم السابع -9 -2015
ولفت إلى أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الأطفال يضطرون إلى إنشاء العديد من الحسابات الشخصية التى تتراوح بين ثلاثة وأربعة حسابات فى الشهر الواحد، وذلك لأنهم عادة ينسون كلمة السر الخاصة بهم، مشيرًا إلى أن أغلب من لديهم حسابات على «فيس بوك» يأتون إلى مقهى الإنترنت حوالى مرتين أو ثلاث مرات فى اليوم الواحد فى الوقت الذى يصل فيه سعر ساعة الإنترنت إلى جنيه واحد فقط.
وقرية «برك الخيام» هى إحدى القرى التابعة لمركز «كرداسة» فى محافظة الجيزة، والتى تعتبر من القرى الفقيرة التى تحتاج إلى العديد من الخدمات. ويؤكد الأهالى أن سبب تسميتهم بـ «برك الخيام» يرجع إلى انتشار مستنقعات القمامة ومياه الصرف الصحى داخل القرية.

على بعد مئات الأمتار من «برك الخيام» تقع قرية «كفر حكيم» التى لم يختلف فيها سوء الأوضاع عن سابقتها، فالأهالى الذين يفترشون الأرض أمام منازلهم أكدوا افتقادهم الاهتمام من جانب الدولة، فحتى المستشفى الحكومى الوحيد الموجود بها يعانى من نقص العديد من التخصصات الطبية، فضلًا على عدم وجود مدرسة للثانوية العامة مما يضطر أبناءهم إلى الالتحاق بالمدرسة الثانوية فى قرية «أبورواش» المجاورة لهم، الأمر الذى قد يعرضهم للكثير من التعب والإرهاق، فضلًا على المخاطر التى تواجههم فى الطريق.

وعلى الرغم من مشاكل القرية ومعاناتها فإن أغلب أبنائها من مستخدمى الـ«فيس بوك»، فضلوا الترفيه والتسلية على مناقشة أوضاعهم، وأصبحت المحادثات مع أصدقائهم والتعرف على أهم أخبارهم و مناسباتهم الخاصة هى أكثر ما يهتمون به.

«ورد الأصايل» هو الاسم الذى اختاره إبراهيم السطوحى، طالب فى الصف الثانى الثانوى، للتعبير عن حبه للفنان الفلسطينى محمد عساف صاحب ألبوم «ورد الأصايل». يقول إبراهيم عن علاقته بـ«الفيس بوك» إنه جرب مرة واحدة فقط أن يكتب عن انقطاع التيار الكهربائى فى منطقته، وذلك على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة، لكنه لم يعاود المحاولة مرة أخرى، ويرى أن الهدف من صفحته هو مجرد التعبير عن مدى حبه للفنان محمد عساف الذى يضع صورته على «البروفايل» والـ «cover photo»، خاصة أن أغلب أصدقائه الذين يصل عددهم إلى 553 ليسوا من أبناء القرية.

بينما ينظر عبدالله موسى، مدرب رياضى، لصفحته على «فيس بوك» بطريقة مختلفة، حيث يعتبرها إحدى الوسائل الدعائية له للإعلان عن مواعيد تدريباته الرياضية التى يشترك فيها أبناء قريته، وهو ما يجعله دائم الاهتمام بنشر كل المعلومات المرتبطة بالتغذية، وكيفية الحفاظ على ممارسة الرياضة.
«عبدالله» الذى يمتلك أحد مقاهى الإنترنت يقول إن أغلب مستخدمى «فيس بوك» فى منطقته هم الأطفال من عمر 8 إلى عمر 15 سنة، وأن نسبة إقبالهم على إنشاء حسابات خاصة بهم زادت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، مشيرًا إلى إن أصدقاءه فى القرية الذين يصل عددهم على «فيس بوك» إلى 500 شخص يهتمون غالبًا بالترفيه أو السياسة أكثر من المطالب المجتمعية.

«عبدالله» فى الرابعة عشرة من عمره، كان اختياره لاسم «أنا كدا» على «فيس بوك» أمرًا لافتًا للانتباه، والسبب- حسبما يقول- إنه أحد المؤيدين لأحداث رابعة، وإنه يخشى أن يكون مرصودًا أو مطلوبًا اعتقاله، خاصة بعد اعتقال والده وعدد من أصدقائه. يقول «عبدالله» إنه يهتم بأوضاع المتعقلين، ومتابعة الأحداث السياسية، وأحيانًا كثيرة يهتم بعرض مشاكل قريته، خاصة أخبار صفحة مركز «حلم طفل»، وهو المركز الذى يهتم بعلاج الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، ومدى احتياجه للتبرعات أو للمتطوعين.
«محمد».. شاب فى الثانية والعشرين من عمره، لا يرى فى الـ«فيس بوك» سوى أنه وسيلة للتسلية وقضاء وقت فراغه خلال فترة إجازته من الجيش، قائلًا: «أنا خلاص قررت ما أتكلمش عن مشاكل القرية، زهقنا ومحدش بيهتم بينا، آخرى كوميكس و فيديو بيضحك، أما الميه اللى مش نضيفة و الزبالة اللى مبتخلصش دى ماليش دعوة بيها».

داخل الـ «توك توك» كان محمد شاكر ينتظر صعود أحد الزبائن وهو ممسك بهاتفه، ويشاهد صفحته على الـ«فيس بوك» الذى بدأت علاقته به منذ شهر واحد، و السبب كما يقول «شاكر» هو أنه وسيلة مهمة للتواصل بينه وبين أقاربه الذين يعيشون فى أماكن متفرقة، و نظرًا لعمله كسائق «توك توك» فهو ليس كباقى أبناء القرية لديه رفاهية الجلوس فى مقاهى الإنترنت التى يتراوح عددها بين 4 و5 مراكز فى القرية، حيث يفضل «شاكر» شحن باقة الإنترنت لموبايله بـ 25 جنيهًا فى الشهر الواحد، وهو مبلغ يكيفه لدخول صفحته وقتما يشاء.

بينما اختلفت علاقة قرية «المنوات» بـ«الفيس بوك» حيث كانت السمة العامة للصفحة هى اهتمام شباب القرية بعرض المناسبات الخاصة بهم من أفراح ومآتم وأنشطة رياضية أو ترفيهية، وتبادل التهانى فى المناسبات الدينية، وتفسير ذلك كما تقول ريهام أحمد أن المستوى التعليمى فى القرية مرتفع، فضلًا على أن المستوى الاقتصادى والاجتماعى فى مستوى معقول مقارنة بباقى القرى، وأن المشاكل الموجودة متمثلة فى الصرف الصحى وانقطاع الكهرباء، وهى مشاكل موجودة فى أغلب القرى، وعن صفحتها على الـ«فيس بوك» فهى ترى أن الهدف منها هو التواصل مع أصدقائها فى الجامعة للاطمئنان عليهم باستمرار، فضلًا على التعرف على أهم الأحداث أولًا بأول.

من بين الصفحات التى اتخذت طابعًا مميزًا صفحة «بوابة الصعيد» التى تهتم بنشر كل ما له صلة بالتراث الصعيدى من أغان وأكلات وفيديوهات وحتى الكوميكس، إلى جانب الاهتمام بكل ما له علاقة بهموم المواطنين كأحد أنواع صحافة المواطن، و أبرز دليل على ذلك أن الصفحة نشرت صورة لأسرة تنقل ابنتها المريضة فى الشارع بعد وضعها على عربة نقل المرضى، و ذلك نتيجة لإغلاق مستشفى الجامعة فى سوهاج أبوابه الداخلية أمامهم.
اليوم السابع -9 -2015

وبعد نشر الصورة قام أحد أعضاء الصفحة بنشرها عبر «الواتس آب» لـموقع «اليوم السابع» الذى نشر الصورة ضمن تغطيته لكل ما له علاقة بصحافة المواطن، وجاء فى الخبر أن الأسرة قامت بنقل ابنتها بعد احتياجها للنقل من قسم الاستقبال لقسم آخر داخل المستشفى، ولكن الباب الداخلى بالمستشفى كان مغلقًا، والمسؤولون لم يتحركوا للمساعدة، فلجأت الأسرة لنقلها من باب لباب آخر عن طريق الشارع.

ويعتبر هذا الخبر هو أحد الأدوار المهمة التى قد يلعبها الـ«فيس بوك» فى نقل معاناة المواطنين والاهتمام بمشاكلهم إذا ما تم توظيف صفحاته بشكل صحيح، فلولا ظهور صورة أسرة هذه المريضة على صفحة «بوابة الصعيد، وتفاعل أحد قراء «اليوم السابع» معها، ما تم تسليط الضوء عليها أو فضح تلك الأعمال غير المسؤولة من جانب المستشفى.

ومن بين الصفحات التى يمكن وصفها بالإيجابية «الصفحة الرسمية لاتحاد شباب الدويقة» التى أنشأها عدد من أبناء المنطقة كمحاولة منهم لتوصيل شكاواهم للمسؤولين، حيث يهتم أعضاء الصفحة بعمل استطلاعات رأى حول أهم القضايا والقرارات المتعلقة بأوضاعهم، ومن بين هذه القضايا كان استفتاء جاء فيه: «نحب نسألك بالنسبة لموضوع إزالة المنازل من الدويقة تفضله ولا تحب تفضل فى بيتك وتوصل لك المرافق كاملة، المياه، النور، الصرف؟».

فى حين كانت أيديولوجية صفحة «عزبة أبوقرن والمنيل» مختلفة عن سابقتها، فقد اهتم أبناء المنطقة بالسياسة قبل الاهتمام بمشاكلهم المجتمعية، و رفعوا شعار «مصر دولة وأمريكا دولة وإسرائيل دولة، ومصر القديمة بلد العتاولة »، وكانت كلمات المدح والتحية لعناصر وأفراد الجيش المصرى هى أبرز ما تتميز به الصفحة، واستغل القائمون عليها هذه النافذة ليقوموا بنشر بعض مقاطع الفيديو والكلمات والشعارات للمدح فى أبناء المنطقة.

أما عزبة «الهجانة» المعروفة بـ«الكيلو أربعة ونص» فهى إحدى المناطق العشوائية التابعة لدائرة قسم أول مدينة نصر، و على الرغم من أنها منطقة تقع فى موقع جغرافى متميز، حيث تقترب من أرقى مناطق القاهرة، فإنها منطقة عانت من الإهمال الشديد طيلة السنوات الماضية، فانتهى بها المشهد بالصرف الصحى الذى يغرق المكان، والقمامة التى تملأ الشوارع، فضلًا عن البنايات غير المقننة، وتحت شعار «جروبنا مش للتعارف.. جروبنا عشان مكاننا.. هنطوروا هنجملوا هيبقى أحسن بينا» خصص مجموعة من أبناء العزبة صفحة على الـ«فيس بوك» بعنوان «شباب وبنات عزبة الهجانة»، والهدف منها هو كيفية تجميل منطقتهم، اللافت أن هذه الصفحة تهتم بنشر جميع المقولات والحكم التى تهدف لاحترام عامل النظافة وتقديره، والمقارنة بين وضعه فى مصر ووضعه فى جميع دول العالم.
فى «إسطبل عنتر» لا يختلف الوضع كثيرًا عن عزبة «الهجانة»، فأهل هذه المنطقة يكادون أن يكونوا منسيين بعد أن تم تهميشهم، فلم يحصل هؤلاء على أبسط حقوقهم فى حياة كريمة، فالخدمات متهالكة، إن وجدت فى الأساس، وحياتهم بدائية، وأطفالهم يعانون من الثعالب والعقارب، فمنازل «إسطبل عنتر» بنيت على صخرة الزهراء، وهى جزء من جبل المقطم بالقاهرة، وبها شقوق كبيرة نتيجة لتسرب مياه الصرف الصحى للمنازل المقامة على حافة الجبل، ونظرًا لأن مكوناتها الصخرية عبارة عن «الطَفلة» أو الأتربة، فهى تعتبر منطقة قابلة للانهيار فى أى وقت، مما يمثل خطورة على أرواح المواطنين، وعلى الرغم من كل هذه المشكلات لم ينجح أبناء المنطقة بعد تأسيسهم صفحة على «فيس بوك» من عرض مشاكلهم عليها، حيث اكتفى ما يقرب من 152 شابًا وفتاة بنشر بعض الصور الشخصية لهم، وبعض الحكم والأمثال بخلاف كلمات المدح فى المنطقة و أبنائها.
تتبع الصفحات السابقة، والحديث مع مؤسسيها كشفا أن الـ«فيس بوك» أصبح كالماء والهواء بين أهالى القرى والعشوائيات، الفارق هو كيف ينظر كل منهم إليه، وكيف يستخدمونه، فالبعض يراه وسيلة مهمة لكشف معاناته، والبعض الآخر يراه الملاذ الآمن من واقعه المؤلم، وفريق ثالث يراه المعبر عن آرائه و توجهاته السياسية.. ففى عالم الـ«فيس بوك» كل يغنى على ليلاه.

اليوم السابع -9 -2015














مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة