لاشك فى أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لروسيا إعادة من جديد لقطار الزيارات الخارجية المتبادل بين مصر وروسيا، وذلك لمناقشة الأوضاع الخطيرة التى تمر بها المنطقه العربية وذلك على نحو سريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوضع المتدهور والخطير فى سوريا والمنطقة العربية، ولا شك أن مصر قد قامت بدور فعال لإقناع الدول العربية الشقيقة والفاعلة فى منطقة الشرق الأوسط وكذلك الدول المهتمة بما يجرى على الأرض فى سوريا والعراق بالحوار المباشر مع روسيا مثل المملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الهاشمية الأردنية، والجدير بالذكر أنه لا يمكن أن نعتبر تواجد ممثلى مصر والإمارات والأردن فى توقيت واحد فى موسكو مصادفة.
وعلينا أن ننوه هنا أن هناك زيارة قد تمت من مسئولى المملكة العربية السعودية من عدة أسابيع لموسكو وهو ما يعكس وعيًا سياسيًا من كل هذه الدول التى استشعرت مدى الخطر المحدق بها وبكل المنطقة العربية بأكملها، واتضح ذلك الخطر بعد الاتفاق النووى الإيرانى والذى اتسم بالغموض الشديد، وعلينا أن نعى جيدًا أن هذا الاتفاق به بعض من البنود السرية التى تم الاتفاق عليها مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم فلن تقبل دول المنطقه العربية أن تطلق يد إيران للعبث فى الأمن القومى العربى.
ومن هنا أدرك العرب أن وحدتهم باتت حتمية وضرورية ولا مجال للهروب الآن من هذا ولا يوجد لدينا وقت للتفكير فى غير ذلك، وهو ما يعنى أننا أصبحنا نفكر تقريبًا بالفكر الأوروبى الذى ارتقى فوق مستوى الجراح التاريخية العميقة بين دول القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وسعى نحو الأفضل، وذلك عن طريق تكوين الاتحاد الأوربى وكما أنهم بحثوا عن القواسم المشتركة بين تلك الدول وعظموها لبناء وحدتهم، وأنا أرى أن مصر والمملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الهاشمية الأردنية والكويت والبحرين يمكن من خلالهم ومن خلال دول عربية أخرى تقترب من نفس الفكر العربى تكوين تحالف عربى قوى تحميه قوة عربية مشتركة حقيقية على الأرض وهو ما بدأت فيه الدول العربية بالفعل بعد أن استشعرت الخطر الداهم على كل دول المنطقة العربية.
لقد جاءت القمة المصرية الروسية لتعزيز التعاون بين البلدين وتأكيد قوة وعمق العلاقات التاريخية والروابط الوثيقة بين البلدين فى مختلف المجالات، ولا ننسى أن روسيا اتخذت موقفًا شجاعًا لدعم إرادة الشعب المصرى فى الوقت الذى تعرض فيه وطننا لتحديات كبيرة، ولقد أعرب الجانب الروسى حرصه على بذل المزيد من الجهود المخلصة لتقليص العوامل الخارجية السلبية التى تعرقل تشجيع الاستثمار فى مصر .
لقد ظهرت أهمية القمة المصرية الروسية فى أنها فتحت العديد من الملفات الهامة التى كانت فى مقدمتها الملفات التنموية التى تساعد على تنمية الاقتصاد المصرى بمساعدة القوة الروسية، ولقد أعرب الجانب الروسى عن رغبته فى العمل والاستثمار فى مشروع تنمية قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى إقامة منطقة صناعية روسية وإقامة مركز لوجيستى لتخزين وتداول وتجارة الحبوب وزيادة الاستثمار فى مجال تخزين المنتجات البترولية، كما طرح الجانب الروسى فكرة جديدة هى فكرة التعاون فى مجال الطيران المدنى من خلال إمكانية تصدير طائرة سوبر جيت، كما أعرب الجانب الروسى استعداد بلاده للتعاون مع مصر فى مجال التعليم وذلك عن طريق زيادة عدد المنح الدرسية المقدمة للطلاب المصريين فى مختلف المراحل التعليمية، وعلى صعيد آخر حرص الجانب الروسى تأكيده على أهمية تطوير مجالات الطاقة بمصر وعلى رأسها إنشاء أكبر وأول محطة توليد للطاقة النووية بمصر فى منطقة الضبعة، والتى ستوفر الطاقة اللازمة لتلبية احتياجات المشروعات التنموية الضخمة التى تنفذها مصر، وذلك عن طريق الاستفادة من الخبرة الروسية العريقة الممتدة لسنوات طويلة فى ذلك المجال، كما تعهد الجانب الروسى على تقديم كافة الخبرات الروسية اللازمة فى هذا القطاع الحيوى بالنسبة لمصر، والمساعدة فى إنشاء المفاعلات النووية بمحطة الضبعة، فضلا عن تدريب الخبراء المصريين فى روسيا على هذا التخصص لأننا نؤمن أن الطاقة النووية هى السبيل للخروج من مأزق الطاقة فى مصر ومن أهم بدائل الطاقة التقليدية .
وأخيرًا علينا أن نؤكد أن التعاون العسكرى بين مصر وروسيا ممتد تاريخيًا ومستمر ويسير بشكل ممتاز ومرشح للتزايد لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يؤكد فى كل مناسبة يلتقى فيها بالرئيس السيسى على أن الترسانة العسكرية الروسية مفتوحة على مصراعيها لمصر دون أى قيد أو شرط، حيث إن من 45% إلى 50% من الأسلحة والمعدات لدى المؤسسة العسكرية المصرية ذات منشأ روسى أو سوفيتى، ولما كما التعاون العسكرى، سواء كان فى مجال التسليح أو التدريب أو مكافحة الإرهاب يهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط كان لابد من التعاون المصرى الروسى... حمى الله مصر وشعبها والله الموفق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة