لا تريد حماس أن تعترف بأنها مجرد حركة نشأت بغرض مقاومة المحتل الإسرائيلى، ثم انحرفت عن هذا المسار وأصبحت تقاوم كل الفلسطينيين ومعهم جيرانها من العرب.. هى لا تقبل بأن يتم التعامل معها كحركة، لأنها أكبر من الجميع، تحب أن تكون دولة وأن يكون قادتها بمثابة قادة الدول، ويستقبلوا فى الخارج بهذا الوصف.. تدخل الحركة فى معاداة مع الدول وفق هذا المفهوم التى تريد أن تفرضه على الجميع.
الحركة تعرف أنها منذ أن دخلت معترك السياسة تحولت إلى ألعوبة فى يد بعض الأنظمة السياسية، بدأت بسوريا حينما استضافت دمشق أعضاء المكتب السياسى لحماس، وبعد اشتعال الموقف فى سوريا تحولوا إلى قطر، وبين الدولتين تأرجحت الحركة بين إيران وتركيا، فهى تخضع لمن يدفع أكثر لقيادات الحركة المتنقلين بين عدة عواصم.
تعرف حماس ذلك جيداً، لكنها لا تريد أن تعلنه رسمياً حتى لا تفقد ما تمتلكه من رصيد بات ضعيفاً من التأييد الفلسطينى والعربى لها، لكنها تناور على كل الجبهات حتى يكون لها وجود، تلعب على السعودية والأردن وقطر وتركيا وإيران، وتحاول مع مصر التى كانت أول من كشف حقيقة قيادات الحركة، ورغم أن تحركات الحركة باتت مفضوحة لكن قياداتها يتمسكون بأمل البقاء.
هذه هى المعضلة الرئيسية التى تواجه حركة حماس، وهى أنها لا تقدر حجمها، ولا تقدر الدور الذى يجب أن تلعبه وتتحرك خلاله، فهى ليست دولة حتى وإن أوهمها القطريون والأتراك بخلاف ذلك، لأن الدولة الوحيدة هى فلسطين، حتى وإن انفردت حماس بحكم قطاع غزة وحولته إلى كيان شبه مستقل عن الدولة الفلسطينية، فالقطاع خرج من عباءة الاحتلال الإسرائيلى، لكنه يخضع الآن لاحتلال حركة ليس لها من هدف سوى أن يكون لها الحكم والسيطرة على أى بقعة من الأراضى الفلسطينية ليكون لها كلمة مسموعة.
بهذا المنطق أفشلت حماس كل محاولات الصلح مع بقية الفصائل الفلسطينية وفى القلب منها حركة فتح، فهى لن تقبل بأقل من الحكم حتى وإن لفظها كل الفلسطينيين، لذلك لن تقبل بأى حلول سياسية أو مقترحات بإجراء انتخابات لأنها تعلم نتيجة هذه الانتخابات مسبقاً، تعلم أن غالبية الفلسطينيين كشفوا حقيقة الحركة وأهداف قياداتها ممن لا يهمهم الأزمات والمشاكل التى يعانى منها ساكنو قطاع غزة، ما دامت الأمور تحت سيطرة حماس.
ستظل معضلة حماس كما هى، لأن حلم السيطرة ما زال يداعب خالد مشعل ورفقاءه، ليس فقط السيطرة على غزة وإنما بقية الأراضى الفلسطينية، لذلك ليس لديهم مانع فى التفاوض مع إسرائيل على مراحل، يبدأ اليوم بالتفاوض على تهدئة طويلة مع إسرائيل، كما قال خالد مشعل منذ أيام لصحيفة «العربى الجديد»، ويمتد بعدها لملفات أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة