أكبر مسخرة فى مصر أن يصل الإنسان إلى الستين، ويجد معاشه بعد 35 سنة خدمة 1300 جنيه، يعنى الحكومة ضحكت عليه وسرقت عمره وألقت به فى الشارع، وقالت له: ياه، فى ستين سلامة، وكفاية طمع، اتعالج واسكن وادفع فواتير الكهرباء والغاز، واصرف على الطعام والشراب، واوعى تحرم نفسك من أى حاجة، واتفسح وعيش حياتك وابحث عن ذاتك بـ1300 جنيه.. أى والله، فهذا معاش الموظف الملتزم والمنضبط، الذى لم يغب ولم توقع عليه جزاءات، والمفترض أنه فى سن المعاش يحتاج لمزيد من العلاج، ومواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار، والوصول إلى «خط الستر» دون أن يمد يده ويقول «لله يا محسنين».
هذه هى أكبر منظومة فساد فى مصر، لا تقع مسؤوليتها على عاتق الحكومة الحالية، بل على كل الحكومات فى الخمسين سنة الأخيرة، وكلها اعتبرت مليارات التأمينات الاجتماعية «أموال يتامى» وتفننت فى الاستيلاء عليها، واستخدامها فى سد العجز وأحيانا استثمارها فى البورصات والأسهم والسندات، فى النهاية لا يعرف أحد أين ذهب الكنز المفقود، وهل المليارات التى نسمع عنها حقيقة أم خيال علمى، وإذا كانت حقيقة أين هى؟ وإذا كانت خيالا علميا فمن صنعها؟.. وهل يمكن أن تمتد يد الإصلاح والتحسين لنظام المعاشات، المفرط فى الخسة والندالة والإذلال، ويغتال الحق فى الحياة حتى على حد الكفاف؟
رأيى أن الحكومة طالما تصر على الإصلاح، والتخلص من جبال الأخطاء المتراكمة منذ سنوات، أن تبادر بإجراء جراحة دقيقة على نظام التأمينات والمعاشات، بنفس أسلوب قانون الخدمة المدنية، وأن تفتح أمام شباب الموظفين من الآن أساليب جديدة ومبتكرة لأنظمة عادلة، تضمن لهم الحياة الكريمة فيما بعد، بحيث يتحملون أعباء الأقساط المرتفعة، دون أن تسرقهم أو تخدعهم أو تضحك عليهم، أو تأخذهم لحما وترميهم عظما، وأن تنقذ من الآن مستقبلهم وهم فى سن المعاش.. أما الجيل الحالى من أصحاب المعاشات، فأقول لهم «عليه العوض ومنه العوض»، لا تستطيع الحكومة أن تفعل شيئا إلا بالقطارة، يعنى 5% زيادة فى المعاشات «ستين أو سبعين جنيها» تمن فرخة مشوية، واحمد ربنا، وبوس إيدك وش وضهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة