انتظرت هذا الفيلم أكثر من عقد من الزمان، فمنذ أكثر من عشر سنوات قدم للسينما هانى خليفة فيلمه الأول سهر الليالى، وكان فى حينها وحتى هذه اللحظة، من الأفلام التى نالت الإعجاب الجماهيرى والنجاح النقدى من المتخصصين، وتلك صفة تتمتع بها قليل من الأفلام السينمائية، وحين شاهدت هانى ممثلاً فى مسلسل تحت السيطرة فى رمضان قلت، يبدو إنه صرف نظر ويأس من الإخراج، خسارة، ولكن انقضى الشهر الفضيل واستقبلت دور العرض فيلما لهانى خليفة مخرجاً ومحمد عبدالعاطى كاتبا للسيناريو بعنوان «حبيبى سكر مر»، وإن بدت كلمة حبيبى صغيرة وهو استهلال لأغنية لماجدة الرومى غنتها فى فيلم عودة الابن الضال تقول فيها: «حبيبى سكر مر طعم الهوا فرق ما بينا البين ما عدناش سوا».
أما السكر المر كما حكاه الفيلم فهو الحب والزواج الذى اختار الكاتب ثلاث نماذج لعلاقات إنسانية بين ثلاث رجال وثلاث فتيات لكل منهم حكاية، وقد يبدو لبعض الطبقات فى مجتمعنا أنها حكايات غريبة، وأن أبطال الفيلم لا علاقة لهم بمصر وما يدور فيها من حدث، خاصة أن تاريخ الأحداث محدد بسنوات ثورة مصر، ولكن استطاع المخرج بوعى وذكاء أن يجعل فى خلفية الصورة تليفزيون يحكى أحداث الثورة، رغم أن الأبطال وتفاصيل حياتهم منفصلة تماما عن الواقع اليومى المصرى، ولكن هذا الانفصال للحق واقعى جدا، فهناك فى مصر كما فى كل مكان فى العالم بشر لا تشغلهم الحياة العامة، ولكن دائرة حياتهم مغلقة على أنفسهم، وقد اقتحم الفيلم تلك الدائرة المغلقة ليراها عامة الجمهور، لذا فقد يرى البعض أن هذا فيلم لا يمسهم مثل فيلم المخرج الأول سهر الليالى، وإن بدا الأمر كذلك، لكن يظل أن الفيلم بنماذج أبطاله قد يشبه عموم الناس التى تتزوج كل لحظة، ثم تكتشف أنها بنت علاقة على قواعد لم تتحقق، أو حسب رؤية الفيلم تصوروا أنهم سيأكلون سكر حلو الطعم فإذا بالسكر مر كالعلقم.
وربما فرض موضوع الفيلم والحديث عن التفاصيل الصغيرة المتشابكة وكذلك محدودية أماكن التصوير بين الملهى الليلى وعدة ديكورات محدودة، فرض إيقاع شابه البطء، وأحياناً الملل، مما قد يؤخذ على الفيلم والمونتاج، فهناك شعرة تبدو كشعرة معاوية بين أن يقصد الفنان نقل إحساس الملل لدى أبطاله، وبين أن يشعر المشاهد بالملل. وتأتى إشارة الفيلم لأزمة المسيحيين فى منع الكنيسة الطلاق إلا فى حالة الزنا والحل الذى لجأ إليه البطلان إشارة صادمة، ولكنها شديدة الواقعية.
«سكر مر» فيلم يحمل كثيرا من الجمال والاختلاف عن السائد، ولكنه يحمل أيضاً أزمة مخرج طال انتظاره بعد فيلم واحد ناجح ومجموعة ممثلين شبان موهوبين، ينتظرون دورا مختلفا، هم أحمد الفيشاوى وهيثم أحمد زكى وكريم فهمى وأمينة خليل وناهد السباعى وشيرى عادل وعمر السعيد ونبيل عيسى، وأخيراً وليس آخراً وجه جديد نسائى شديد الموهبة سالى شاهين، جميلة الوجه والأداء.
حبيبى سكر مر طعم الزواج حتى لو كان لغير أسباب اقتصادية، هكذا يقول الفيلم وهكذا تقول الإحصاءات الواقعية عن نسب الطلاق فى مجتمعنا كما فى العالم، ولذا فالفيلم وصناعه يرون أن الطلاق هو الحل حين يصير الـ«سكر مر».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اديب عطا الله
مقالة رائعة لكاتبة ممتازة
عدد الردود 0
بواسطة:
الكاتب أحمد المالح
السكر المالح