محمد فودة

محمد فودة يكتب.. غابت الدولة ووزير الثقافة فى وداع نور الشريف

الإثنين، 17 أغسطس 2015 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أجد تفسيراً لغياب وزير الثقافة الدكتور عبدالواحد النبوى، عن جنازة الفنان الكبير نور الشريف، ولا أعرف كيف يبرر ذلك؟! نور الشريف لم يكن مجرد ممثل قدير قدّم العديد من الأدوار المهمة وحصد العشرات من الجوائز المصرية والدولية، وشارك فى مهرجان «كان» السينمائى بفيلم «المصير» ليوسف شاهين، ولكن نور الشريف كان حالة سينمائية مضيئة شديدة الإبهار. غاب وزير الثقافة عن توديعه.. وغابت الدولة. غاب رئيس الوزراء أو مندوب عنه، ولم تكن جنازة نور الشريف تليق بقامته وقيمته. كان من المفترض أن تكون جنازة شعبية، فقد ظل نور حتى آخر عمره محتفظاً بقوميته ومحارباً شرساً ضد الصهيونية التى عرقلت مشروع فيلمه الكبير «خيط أبيض.. خيط أسود»، وهو فيلم عن فلسطين والقضية العربية فى مواجهة إسرائيل، ونور الشريف اعتاد مواجهة الأزمات، فقد أوشى به بعض المغرضين بأن فيلمه السياسى المهم «ناجى العلى» ضد مصر ويشتم فيه السياسة المصرية وقادتها.. وزادت الحملة الشرسة ومعها زادت دهشة النقاد والجماهير التى شاهدت الفيلم بعد أن تسربت بعض النسخ من العاصمة اللبنانية بيروت داخل مصر.. فقد خلا الفيلم تماماً من أى تجاوزات ضد مصر وقياداتها.. والمعروف أن نور الشريف رجل وطنى شريف لا يمكن أن يسمح لنفسه أن يسقط فى ثغرات ضد وطنه، وكان نور الشريف إلى جانب ذلك محتفظاً بشباب عقله وقلبه برغم ذبول جسده بعد أن تمكن المرض منه.. كان نور الشريف فنانا مثقفا موسوعيا غزير المعرفة، لم يكن يكتفى بالثقافة السينمائية أو الفنية عموماً، بل كان ملماً بكل الأحداث والقضايا السياسية حتى أنك حين تستمع إلى آرائه العميقة يدهشك هذا الفهم الكبير. هذا المفهوم عند نور الشريف لم يكن هامشياً، بل كان يندمجا اندماجاً كاملاً مع كل أعماله، لهذا ظهرت أفلام له ذات بعد سياسى ثقافى اجتماعى مثل «سواق الأتوبيس» و«المصير» و«الحقونا» و«الكرنك» و«ناجى العلى» وغيرها عشرات الأفلام، ثم مسرحيات مهمة مثل «المليم باربعة»، وكانت أول مسرحية تتعرض لكارثة توظيف الأموال وما تسببت فيه من ضياع أموال قطاعات كثيرة من الشعب المصرى هباءً.. مسرحيات أخرى ومسلسلات أثارت جدلاً واسعاً وصل إلى أن حاربته إسرائيل بعد أن قدم مسلسل «الدالى»، بدأ هذا العمل الدرامى هادئاً يستوحى قصة حياة رجل الأعمال العصامى عثمان أحمد عثمان فى كثير من مواقف حياته المهمة.. وكان حس نور الشريف السياسى يقظاً جداً فى هذا العمل الذى تمكن خلاله من تشريح الشخصية الصهيونية التى توغلت فى ضمير الأمة العربية ومحاولاتها زعزعة الاقتصاد العربى بدءاً من مصر.. نور الشريف كان رجل المواقف وغياب الدولة عن وداعه غير لائق له ولتاريخه وللفن المصرى والثقافة المصرية. لابد أن تعى الدولة أن الفن له ميراث وله كيان، ولابد أن يكون حياً فى وطن يقدر الفن ويعرف قدره.. لم تكن جنازة نور بقدر ما أعطاه للفن وللوطن وبقدر ما تركه من ثروة فنية لا تموت، بل هى فى وجدان الأجيال تعيش وتتعلم منها.. كان نور معطاءً بحيث لا يبخل أن يقدم للأجيال الشابة كل خبرته، وهذا ما حدث مع أغلب مخرجى السينما الذين تعاملوا معه، فكانت بصمته فى إخراجهم وباعترافهم هم. لقد ترك نور هذا الميراث الراقى، وسوف تكشف الأيام عن عظمة المكتبة الفنية التى تزخر بميراثه الفنى الغزير.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة