تفاءلنا خيراً بإنشاء وزارة للآثار وتخيلت أنها ستعيد كيان آثارها واهتمام الشباب بها، وتسعى لترميم التالف منها.. الذى يحتاج إلى إصلاح، خاصة أن مصر تمتلك أهم آثار العالم.. فالأقصر فقط بها ثلث آثار العالم، ولكن المدهش أن شيئاً لم يحدث، ولم نجد أى جديد فى هذه الوزارة.. كل شىء ساكن ساكت بلا حراك.. أين تطوير الآثار الإسلامية والفرعونية والقبطية؟! ثم ماذا حدث فى المتحف الجديد الذى من المفترض أن يكون أكبر متاحف العالم؟! لا أعرف ما خطة وزير الآثار فلم يتكلم عنها ولم نعرف أيضاً ماذا أعد نحو
الآثار الجديدة التى تكتشف بصورة مستمرة فى أغلب أنحاء مصر.. أتمنى أن تعيد وزارة الآثار سياستها من جديد وأن تشمل هذه السياسة مسحا كاملا لكل آثارنا من الشمال إلى الجنوب.. هناك آثار كثيرة مهملة وتحتاج إلى صيانة وإلى إعادة تقييم، وهناك آثار أخرى تنتظر إصلاح التربة من تحتها بعد أن أتلفتها المياه الجوفية والأملاح، وهناك آثار أيضاً فى حاجة إلى خبراء أجانب لتكون النتيجة متكاملة تليق بهذه الأعمال المتوراثة والتى تحتاج منا إلى اهتمام دائم وفحص لا يهدأ، لأن الآثار فى تخيلى هى أغلى ميراث يمكن أن نحتفى به من الأجداد، ومن الخيانة التفريط فيه، وأيضاً لابد أن نعى شيئاً مهماً أن هناك مشاريع أثرية قديمة بدأت ولم تكتمل، ولم تصل إلى شىء، وأخشى أن تكون القوانين المتهالكة والروتين عوائق تعرقل ولا تسعى للمسيرة السليمة نحو التطوير والإنجاز، ولعل هذا هو السائد فى كثير من الوزارات المصرية التى ورثت أزمات وراثية روتينية ولم يجرؤ أحد على حل هذه الموروثات السالبة، حتى صارت تتوالد أزمات أخرى، ومع مرور السنين تصبح عائقا كبيرا، ولكن هذه الأزمات إذا وصلت إلى وزارة الآثار فهى كارثة، لأن هذه الوزارة وزارة وليدة من وزارة الثقافة، فالمفترض أن تكون خالية من أى روتين أو
عراقيل أو رواسب.. ثم يجب أن نشير إلى أن هناك عشرات الآلاف من المبانى الأثرية المختلفة فى شتى أنحاء الوطن لم يتم تسجيلها فى خانة الآثار، وكثير منها هدم سراً لتبنى الأبراج التجارية، فهل سعت وزارة الآثار لمتابعة هذه الخريطة المجهولة؟! وكثير منها غامض وكثير من المبانى الأثرية التى تمتلك تاريخاً لا يعرف عنها أحد، ولم يهتم بها أحد، وبالتالى فهى تذهب هباءً دون أن يتم العناية بها ولو تم متابعة ذلك لكسبت مصر، لأن هناك بلادا تقتنص أى فرصة وتستثمر أى أثر بسيط جداً، وتبالغ فى الاحتفاء به والترويج له.. فهل ثراؤنا الأثرى يمنعنا من الاحتفاء بآثارنا الصغيرة أو المجهولة؟!.. أتمنى أيضاً أن تثار قضية دعم الأعمال الفنية التى تروج لآثارنا مثلما كنا نفعل فى الخمسينيات والستينيات. وكانت هناك أفلام روائية تصور أساساً من أجل ذلك. وهو هدف نبيل أتى بثماره كاملة وبسرعة، ومازلنا نشاهدها حتى الآن. أيضاً هناك شوارع أثرية يجب أن يتم تطويرها والاهتمام بها لتكون من آثار مصر على غرار شارع المعز لدين الله الفاطمى الذى تحول إلى متحف وحده.. شديد الإغراء وجذب السياح وفى النهاية هو سيسجل تاريخنا الأميز بين تواريخ العالم.. أتمنى أن تجدد وزارة الآثار نفسها بعد أن ضلت الطريق لسنوات طويلة حتى لا نندم على أننا خصصنا وزارة للآثار ذات مهمة محدودة ومعروفة هى حماية آثار مصر وتطويرها وصيانتها، حتى لا تبقى مشاعاً ونهباً للمصادفة والتجريب. وعلى وزير الآثار أن يسعى لذلك فالأمر ليس بهذه البساطة.. إنها قضية تراث مصر وآثارها التى تحتل الجانب الأول من آثار العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة