محمد فودة

محمد فودة يكتب.. برامج المقالب.. تجارة المهانة.. إرهاب باسم الترفيه!

الإثنين، 06 يوليو 2015 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس لدى أى تفسير يمكن أن يبرر ما يحدث من استمرار برامج السخافات المسماة ببرامج المقالب والتى كلما شاهدتها زدت سخطا على هذه النماذج البشرية وتلك التفانين فى كل ما يثير اشمئزاز الناس وخلق مغامرات عجيبة ليس وراءها سوى إزعاج المشاهدين وإرباكهم وترك انطباعات سلبية عن هذه المتاهات، وقديما كان يعرف من بين برامج رمضان الترفيهية برنامج «الكاميرا الخفية».. وأيا كانت الانتقادات ضدها فإنها كانت تنتمى إلى الكوميديا الخفيفة الطريفة التى لا تترك عند الناس أيا من إزعاج، إلى جانب أنها كانت مسلية لا تسىء لأحد ولا تهين أحدا.. وبرامج الخدع موجودة فى كثير من خطط الإنتاج الفنى الرمضانى منذ أكثر من نصف قرن، ولكنها، وهذا هو المدهش، كانت تزداد عنفا عاما بعد الآخر وتزداد رعبا أيضا حتى وصلت إلى ما نحن فيه حتى صار الأمر يشبه السادية أو تعذيب الناس والانتقام منهم ومن الفنانين المشاركين، ولا أعرف لمصلحة من يحدث ذلك؟، وهل هناك اتفاق متبادل؟، أم أنها عملية ترويجية؟ على أى حال هى لا يمكن أن تصلح لمجتمعنا اليوم.. إننى أراها تجارة للمهانة بل هناك ألفاظ خارجة خادشة للحياء ورمى إهانات لمقدم البرنامج فهل هذا مقابل الآلاف من الجنيهات أو الملايين؟!

سخرية لاذعة وتهكم بهذا الشكل يسىء للفنان بل هو يمتد لآخرين، إنها سبة فى جبين الفنان.. إنها مهانة لتاريخهم الفنى.. قد تطال العمر كله، إنها تقليل لقيمتهم وقدرهم، أسلوب غريب مدهش يصل إلى حد السفالة وضرب و«تهزىء».. وحين يزيد الشىء عن حده يصبح مهزلة..!

هذه البرامج التى تستمر تحت مسمى الترفيه هى برامج تتنافى تماما مع الترفيه بل هى لا تنتمى إلى أى لون.. إلا إذا كان لون الدراما الدموية.. دراما الرعب وإرهاب الآخرين.. ولا أعرف ما مغزى ما يحدث فى هذه الحلقات تلو الحلقات.. والتى تزدحم بكم هائل جدا من الإعلانات المتتابعة، مؤكدة بكل تحدٍّ أنها مدججة بحشد كبير من الدعم المالى، فإذا أنكر النقاد هذه البرامج فإن صناع هذه البرامج يلوحون بعدد الإعلانات دليل النجاح الكاسح.. ضاربين عرض الحائط بأى نتائج أو أى حصاد سلبى لما تتركه هذه الحلقات المتتابعة فى أكثر من برنامج يومى.. هذه الإعلانات يمكنها بثقة أن تطيح بكل الآراء أو لكل من ينتقد.. ولكن أندهش أيضًا إذا إننا كلما انتهينا من برنامج نجده يتكرر فى العام اللاحق بأكثر من أسلوب دموعى صعب.. بل فوجئنا جميعا هذا العام باقتحام ثلاثة برامج تتنافس على السخف والإرهاب باسم الترفيه..!

البرامج السلبية تستمر برغم علو صوت النقاد والمعترضين، وفى العام الماضى اعترضت فنانة شهيرة على ما حدث لها من خدعة فى أحد هذه البرامج، هى الفنانة آثار الحكيم، وبرغم أنها كسبت القضية ضد البرنامج فإننى رأيت البرنامج يستمر، وأن ساكنا لم يتحرك وظلت هذه الخدع تتعاظم والجماهير تتلقى كل يوم صدمة أو تعذيبا أو جلدا ذاتيا وإذا تكلم أحد قالوا له أغلقوا التليفزيون أو غيروا المحطات بالريموت..!!

وكأنهم يخرجون ألستنهم للناس سخرية وبدلًا من معاقبتهم يزدادون فى غيهم لمجرد الترويج التجارى، بعيدا عن قيم المجتمع التى ينساها الجميع ولا يتبقى منها سوى المادة وكم من الإعلانات وساعات إرسال ممتدة فى الفضائيات.

ما يحدث خطير ويشير إلى تراجع مجتمعى وتراجع أيضا فى مفاهيم الانتاج الفنى.. فلا بد أن ترجع فكرة المنتج الفنان التاجر وليس التاجر فقط.. تغير المفهوم عن الماضى.. وانتفى المفهوم الفنى والإنسانى وبقيت الماديات طاغية، وهذا هو الخطر الأعظم الذى- تدريجيا- يهدد كل شىء، فإذا استسلمنا لهذه النوعية فإن المجتمع فى خطر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة