هل كانت موجات الاحتلال الأجنبى لبلادنا على حق عندما كرست لمقولة إننا لا نستحق الآثار الموجودة على أراضينا والتى تمثل سجلا حافلا لتطور الحضارة الإنسانية، وأن من الأفضل للعالم أن تنتقل هذه الآثار لكبرى المتاحف فى العواصم العالمية حتى يتسنى الحفاظ عليها وعرضها بالشكل المناسب؟
الذين سافروا وزاروا الأجنحة المصرية فى متاحف العالم لابد وأن يتحسروا على وضع أندر الآثار فى مصر، والتى تحاصرها مافيا الإهمال والجهل والتجارة المشينة الحرام فى ما هو مخبوء وغير مسجل ليتم تهريبه خارج البلاد عبر الدروب البرية الصحراوية أو عبر سفن الشحن البحرى ضمن البضائع.
قبل أن نتطرق إلى حالة الجنون العام التى تدفع المواطنين إلى التنقيب عن الآثار فى طول مصر وعرضها بحثا عن الثراء السريع، وكيف يمكن أن نواجه هذه المصيبة بضرب مراكز مافيا التجارة فيها وتهريبها خارج البلاد، علينا أن نسأل أنفسنا، ماذا فعلنا أصلا بالآثار المكتشفة والمسجلة الفرعونية والرومانية والإسلامية والقبطية؟
نظرة واحدة لسور مجرى العيون الأثرى وامتداداته تكفى لنعرف أننا أجرمنا فى حق التاريخ وفى حق أنفسنا وأن الأجيال الحالية من المسؤولين والمواطنين على السواء لا تستحق أن تؤتمن على أندر آثار العالم، فقد تحول السور فى مناطق عديدة إلى مقالب للقمامة وبنى الناس عليه بالأسمنت المسلح وهدموا أجزاء منه ليقيموا دكاكين وعششا.
ونظرة واحدة لحال الروائع التى نمتلكها من الآثار الإسلامية تكفى للشعور بالهم والحزن، الأسبلة النادرة فى أحياء مصر الفاطمية تحولت إلى واجهات لبيع الملابس وأكلها التراب والرطوبة وامتدت الأيدى بالسرقة إلى المنابر وحشوات أبواب المساجد التى تعتبر قطعا فنية نادرة، وما لم تمتد الأيدى إليه بالسرقة اغتالته أيدى الإهمال، ولعل حادثة انهيار سقف مسجد بيبرس الخياط بحارة الجودرية بالدرب الأحمر، أكبر دليل على ما تعانيه آثارنا الإسلامية من غياب الرعاية والترميم وكذا غياب الرؤية التى تجعل من الأثر كيانا حيا يمكن تحويله إلى مزار أو متحف أو مركز لحالة ثقافية ترتقى بالمجتمع المحيط به.
الغريب أن أمين المجلس الأعلى للآثار، خرج علينا بعد انهيار سقف مسجد بيبرس الخياط بتصريح، فقد بشرنا سيادته بأن القبة الأثرية الملحقة بالمسجد سليمة، طيب أين كنت أنت ومعاونوك عندما بدأت بوادر الانهيار على سقف المسجد وماذا فعلتم لتمنعوا هذا الحادث المؤسف؟ وكم أثرا نادرا معرض للانهيار وأنتم نائمون فى مكاتبكم؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة