ما زال مسلسل المستريحين مستمرا، رغم كل التحذيرات والتنبيهات فى وسائل الإعلام ورغم الدعوات المتكررة للمواطنين لإيداع فوائض مدخراتهم بالبنوك، فلماذا يظهر كل يوم مستريح جديد ينصب على المواطنين بنفس الطريقة وكأنه مرض يرغب الناس فى الإصابة به لتعذيب أنفسهم؟
المستريحون أو النصابون الجدد يخدعون الناس بطريقة واحدة، ويستولون على أموالهم بحجة توظيفها واستثمارها مقابل فوائد كبيرة، وبعد دفع الفائدة غير المعقولة التى يمكن أن تصل إلى 15% من أصل الأموال شهريا مرة أو مرتين يتوقف النصاب عن الدفع، لأنه ليس ساحرا ولا فاعل خير، ويبدأ المودعون بالتذمر والهلع ثم اللجوء للشرطة لاستعادة أموالهم. القرى والمدن الصغيرة والمدن الكبرى سواء فى ظهور المستريحين، وكذا الصعيد والدلتا سواء، لا فرق بين قنا ورشيد والدقهلية والغربية والقاهرة، النسخة المعتمدة من النصابين واحدة والطريقة واحدة، والمخدوعون أشكال وألوان ومن جميع الفئات، فلماذا تتكرر حوادث النصب بتلك الطريقة؟
الملاحظ أن جميع النصابين يوهمون ضحاياهم أنهم يشاركون فى مشاريع استثمارية كبيرة وأنهم يوظفون الأموال فى أنشطة مثل المقاولات وتجارة السيارات والمحمول والذهب وغيرها، ويستجيب الضحايا على أمل أنهم يشاركون فى مشاريع كبرى وسيحصلون على نتيجة مشاركتهم دون تعب، وهنا مربط الفرس، لماذا يوكل كثير من المواطنين غيرهم بالعمل بدلا من أن يعملوا هم؟ لماذا يفضل كثير من المواطنين تسليم مدخراتهم أو تحويشة العمر لشخص غريب بدلا من المبادرة أو المغامرة فى مشروع صغير مضمون الملكية، ويستطيع صاحبه أو صاحبته إدارته والإشراف عليه مباشرة؟ لأن ثقافة العمل غائبة والسائد هو التكاسل والحلم الساذج بالثراء السريع دون تعب أو جهد، سواء بالفوز بجائزة من جوائز القنوات النصابة إياها أو عن طريق وسيط يستثمر أموالنا بفائدة كبيرة تساوى ضعف فوائد البنوك، وعادة لا يفعل ذلك إلا اللصوص والنصابون، ولا يستجيب لهم إلا الخائبون الطماعون!
نحتاج بشدة إلى تغيير ثقافة التواكل والكسل والرغبة فى الثراء السريع بدون جهد، لأن الراحة والتنبلة لن تأتى بخير أبدا والاستجابة لدعوات النصابين لن تعود إلا بالخسران، من يضع فلوسه تحت البلاطة أو لدى النصابين لا يلوم إلا نفسه، إذا كنت تمتلك فائض مال فعليك بالبنوك واقبل بالفائدة المقررة بدلا من ضياع أموالك كلها، أو ابحث مع الوزارات المعنية عن المشروعات المتاحة، وابدأ مشروعك الصغير مع أبنائك لتنتج وتكسب، بدلا من أن تنام للظهر، وتقضى ساعاتك على المقاهى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة