يعيش «صاحبكم» حاليًا متواريًا عن «منظومة الأسى» ويحتمى بالصمت خشية المشاعر المريرة والريح العاتية التى ستعصف بأدنى كلمة «مرفوعة الرأس» فتباغته وقائع تُشعل ضميره بضراوة، بانتكاسة حضارية لم يعرفها تاريخ مصر المعاصر، حيث تتحول القوانين لمنشفة يحملها المحافظ والشرطى والعمدة حتى يُنهى «حُرّاس الفضيلة» مهمتهم المُقدسة بالترحيل القسرى لمواطنين ذنبهم أنهم مسيحيون أخطأ أو اتهم أحدهم بجريمة ما، فبعدما اعتادوا دفع فواتير القتل على الهوية وحرق كنائسهم وممتلكاتهم، والتنكيل المهين بحمل أكفانهم والدّية صاغرين، والآن تشهد المحروسة عقوبة جديدة بتهجيرهم من بلادهم.. أكتب بأصابع مرتعشة مُراعيًا اعتبارات كثيرة عن وطن يشهد تغريب أبنائه فينسحب بعضهم للداخل للعيش بانكسار ورعب، بينما يسعى جيل شباب المسيحيين للهجرة، فلم أقابل شابًا إلا وحدثنى عنها لشعوره بالمهانة والفجيعة بأهل وطنه الذين كانوا يملأون الدنيا بالصخب الجميل، والحياة الكريمة، والمواطنة ودولة القانون، فإذا الأمور تتدحرج لتصب بجلابيب السلفيين، الذين صاروا فيما يبدو «حُكّامًا من الباطن» يخترعون عقوبات لم يرد بها نص قانونى أو قرآنى فأتساءل: أين الدولة؟ أين الإسلام؟!
فالأحداث التى تابعتها بقرى الصعيد اختلطت خلالها داخلى مشاعر العار والأسى حينما رأيت رؤوسًا منحنية، ذليلة، تحمل أكفانها تأهبًا للقتل، وشعبًا يتابع هذا الأمر كمسرحية تتساوى فيها الحياة والموت، فالقول الفصل لمشايخ السلفية وينفذ المسؤولون قراراتهم باعتبارها «قانون المرحلة» لانتهاء أزمات مُفتعلة، ويجلس المحافظ مُنتشيًا وحوله مسؤولو الأمن، يشاركون فى هذا الأمر بمزاعم «تطويق الاحتقانات الطائفية»التى ينكرون وجودها أصلاً حين تناقشهم برامج الفضائيات التى التزمت الصمت وتجاهلت تلك الممارسات المُخجلة التى تسىء لمصر.
تمنيت الكتابة عن أحلام بسيطة وحياة كريمة، يكبر فيها الأطفال، وتخضر فيها الحقول لتمنح خيرها للجميع.. مجرد حياة لبشر خُلقوا أحرارًا لا تُلاحقهم «ثقافة الكراهية» وأتساءل: ما جدوى الكتابة مادامت الأمور تنزلق للأسوأ؟ فالحزن أكبر من الكلمات، لن أستغيث بمسؤولين لأنهم صاروا طرفًا بهذه المهازل، ومصر الآن أمام «منعطف وجودى» وعلينا أن نختار بين «دولة القانون» أو الرضوخ لإملاءات «جنرالات المصاطب» ومجالسهم العرفية التى ينبغى حظرها، لأنها سلطة موازية للدولة، و«عورة قانونية» لا يقبلها وطن يتسع للجميع بسلطة القانون، ولن أحلم بروح التسامح والمحبة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة