فى كل دول العالم تعرف الشعوب لماذا تجىء الحكومات ومتى ترحل إلا مصر، التى تعود حكامها على إحاطة الأمر بالسرية والكتمان وتركه للتكهنات والشائعات، وأتمنى زوال هذا الموروث السياسى السيئ فى الحكم الجديد، فيعرف الناس لماذا يجىء الوزراء ولماذا يرحلون، والفرق بين الناجح الذى يحقق إنجازات هى أوراق اعتماده للاستمرار، والفاشل الذى ينبغى رحيله، وبالطبع ليس المقصود هتك الأسرار والتشهير، وإنما الشفافية والتحفيز، وأن يتم التعامل مع الحكومات وفق ما تحققه من برامج واقعية مدروسة.
أتذكر جيدا رئيس وزراء فى عهد سابق وقف أمام البرلمان، وأقسم أنه جاء لتحقيق الرخاء، وقدم وعودا وتمنيات كبيرة صفق لها النواب عشرات المرات، لكنه كان الأسوأ فى الخمسين سنة الماضية، وجرد البلاد من القطاع العام الناجح بأبخث الأسعار، وارتفعت الأسعار وزادت معدلات التضخم وانهار الجنيه، وتضاعف العجز فى ميزان المدفوعات، وبعد أن خربها خرج إلى منصب بنكى كبير يقبض فيه مئات الآلاف من الدولارات مكافأة لفشله.
دروس الماضى تجعلنا نتطلع لتلافى الأخطاء فى المستقبل، وأن نتطلع لبداية عصر الحكومات الرشيدة فى الجمهورية الجديدة، تبدأ مهامها بمحضر استلام للوطن، وتقدم رؤية وبرنامجا واضح المعالم وقابلا للتنفيذ على أرض الواقع، ويجيب على ثلاث أسئلة: أين نحن الآن، أين نريد أن نذهب، كيف نحقق ذلك؟ وأن تُطلع الرأى العام أولا بأولا على الإنجازات والإخفاقات والتحديات التى تواجهها البلاد.
إننى أتحدث عن مواصفات الحكومة التى تجىء بعد انتخاب البرلمان، ويقع على عاتقها مسؤولية النهضة الكبرى، التى تضمنها البرناج الانتخابى للرئيس، فى إطار اكتمال تشكيل مؤسسات الدولة والحكم، وتفرغها لأداء مهامها المنصوص عليها فى الدستور، ولم يبق وقت طويل حتى يتحقق ذلك، لتعبر البلاد المرحلة الانتقالية التى امتدت طويلا، وبدأ كيان الدولة فى الظهور بقوة بعد انتخاب الرئيس وإقرار الدستور.
حكومة تبنى فوق ما تم بناؤه ولا تهيل عليه التراب، وتعظم الإنجازات وتتواصل مع النجاح ولا تسرف فى الوعود، وتفتح قلبها وعقلها للجماهير وتتفاعل مع مشاكلهم وهمومهم، وما تحوج البلاد إلى ترسيخ قيم ومفاهيم جديدة فى الجمهورية الجديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة