سر زاهى حواس أنه تعامل مع الآثار ككائنات حية، تفكر وتتنفس وتتكلم وتبوح بأسرارها، فقرر أن ينقل رسالتها للعالم، ويساعده على ذلك ملامحه الفرعونية، أنفه وجبهته ولهجته التى تختطف الكلمات بسرعة، وأضاف من عنده قبعته الحواسية الشهيرة التى تحمل اسمه وتباع فى الخارج بخمسين دولاراً، والبذلة الجينز المكسوة دائما بالعرق والأتربة، وكانت تنافس أرقى بذل وكرافتات وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، فحقق شهرة واسعة فى الخارج والداخل تقترب من نجوم السينما العالمية.
ظلمته 25 يناير حين تربص به من فى قلوبهم غل وحقد وحسد و«كيدية»، لكنه ارتفع فوق الصغائر واعتبر خروجه من منصب وزير الآثار تحطيما للقيود، وواصل مسيرة عشق الحفائر التى امتدت أربعين عاما، وكشف أسرارها المذهلة فى كتاب «40 سنة حفائر.. زاهى حواس»، مغامرات واكتشافات ومخاطر وأهوال وإخفاق ونجاح، وقصص تقترب من الخيال ممزوجة بلعنة الفراعنة وحسد الشرير «ست»، وجهود خارقة للبحث عن كنوز الأسرار المدفونة فى الرمال، واكتشافات مجموعة خفرع الجنائزية والمقبرة الذهبية والكشف العظيم «مقابر بناة الأهرام»، وفى كل صفحة فى الكتاب قصص مملوءة بالتشويق والإثارة.
لم ينته كنز الأسرار ويؤكد حواس أن هناك الكثير من الآثار البديعة فى انتظارنا أسفل الرمال الناعمة، فما تم الكشف عنه لا يزيد عن 30%، ولا تزال 70% مدفونة ومهددة بارتفاع منسوب المياة الجوفية والحفائر العشوائية واللصوص، ويقدم وصفاً تفصيلياً لأشهر القطع النادرة التى تم تهريبها خارج مصر.. ويتساءل: كيف خرجت وكيف تمكن اللصوص من دخول المقابر فى حراسة الشرطة ومفتشى الآثار والحراس؟ وكيف سافر بعضها من مطار القاهرة الدولى؟.
ويدق حواس ناقوس الخطر: الآثار المصرية مهددة بالفناء فى أقل من 100 عام إذا لم نقم على الفور بترميمها وصيانتها وتسجيلها ونشرها، وآن الأوان أن يتوقف التنقيب عن الآثار من شمال الجيزة إلى جنوب أبوسمبل لمدة عشر أو عشرين سنة وأن تتجه الجهود إلى الدلتا، هذا المخزن الإستراتيجى المجهول المحاط بالإهمال والمخاطر، لأن كل الحفائر تركزت فى السابق على مصر العليا، بينما الوجه البحرى والصحراء الشرقية والغربية مليئة بالمواقع التى لا يعرف أحد عنها شيئاً، وإذا لم يتم إنقاذها فسوف نفقدها إلى الأبد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة