محمد منير

سماحة الله وديمقراطية البشر

الأحد، 24 مايو 2015 06:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى يناير 1977 وبعد هبة غضب جماهيرية وقف رئيس الجمهورية محمد أنور السادات فى مشهد ديمقراطى أذاعته وسائل الإعلام يناقش طلاب مصر فى مطالبهم وقام عبد المنعم أبو الفتوح رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة آنذاك وناقش الرئيس وتظلم له من أن ساحة اتخاذ القرار مقصورة على الرئيس ورجاله الذين ينافقونه وينافقهم، ولم يتحمل الرئيس كلمة من مواطن ونسى الغرض من المشهد التمثيلى الديمقراطى وصرخ فى وجه الطالب صرخة أربكته "أقف عندك لن أسمح لك بالحوار معى بهذه الطريقة" وانقلبت الدنيا ولم تقعد.

قبل ذلك بآلاف السنوات وقف خليل الله إبراهيم أمام المولى سبحانه وتعالى ودار بينهما الحوار التالى:
الخليل: أرنى كيف تحيى الموتى.
الخالق: أو لم تؤمن؟
الخليل: بلى ولكن ليطمئن قلبى.
وهنا لم يغضب المولى سبحانه وتعالى خالق هذا الكون لم يغضب الجبار العظيم بل أراد أن يريح عبده ويرفق به ويعلمنا السماحة والرحمة فيقول لعبده إبراهيم: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا ثم ادعهن يأتينك سعيًا واعلم أن الله عزيز حكيم.

هذا حال الخالق بالمخلوق فما بال الحاكم بالمحكوم.
الناس فى بلادنا يا سادة يناقشون الذات الإلهية وتعاليمه وحتى أوامره ومنهم من ينف أو يتهكم أو يشكك فى حين أنه من المحال أن يناقشوا الذات الرئاسية أو الاقتراب منها.. وهذا لا يؤكد فقط جبن الإنسان ونفاقه ولكنه يؤكد أيضًا وبالقدر الأكبر أن رحمه الله وسماحته أكبر بكتيييييييييييير من قدرة أى حاكم على تحمل كلمة نقد مهما كانت ديموقراطيته الأرضية.

يقف الإنسان أمام رئيسه مهزوزًا مرعوبًا يبحث عن كل السبل لإرضائه ولماذا لا فبيد الرئيس المنح والمنع بيده العزة والمذلة، فعرف مسرح البشر مشاهد النفاق والرياء والتملق ومن هذه المشاهد خرجت مشاهد الانحياز والظلم المبنى عن رضاء الذات البشرية المريضة.. فيكفيك مثلاً أن تناقش قاضيا فى حكمه فتسجن بتهمة إهانة القضاء فى حين ناقش إبراهيم عليه السلام الخالق فى قدرته ولم يغضب المولى، وناقش الإمام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الشعائر ولم يغضب الرسول بل أجاب بكلمات سمحة، فيروى عن البخارى عن على بن أبى طالب: أن رسول الله طرقنى وفاطمة ليلة فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلى شيء، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً).. لم ينفعل رسول الله ولم يكفر عليا ولم يتعال عن المناقشة معه.

الشيطان عصى ربه فلم يحرقه الخالق أو يعدمه ولكنه أمهله وناقشه قبل أن يعاقبه، وعندما قال الشيطان لله وعزتك وجلالك لأغوينهم مادامت أرواحهم فى أجسادهم (يقصد الإنسان)، جاءت إجابة الرحمن الرحيم "وعزتى وجلالى لأغفرن لهم ماداموا يستغفروننى".

الله يبحث عن الذرائع ليغفر للبشر ويرحمهم.. والبشر يخشون الحكام والرؤساء وأصحاب المنح الدنيوية أكثر من خشيتهم الله.. هذا هو الفرق بين رحمة الله وكرمة وجحود البشر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة