فجأة تحول النقاش حول تراث الدين الإسلامى إلى منطقة للخلاف والاختلاف والشجار والعراك. وأصبحنا نناقش التفاسير والأحكام والتأويلات التى كتبت منذ ظهور الإسلام وكأنها ظهرت فجأة الآن. وامتد الجدل إلى السخرية من فقه علماء سبقونا بمئات السنين وبدأ البعض فى اتهامهم بنشر الفتنة والإرهاب والعنف بعد أن كانوا نجوما زاهرة وأعلاما خالدة فى تاريخ الإسلام. فهل عدنا لملاحقة التاريخ لأننا لا نستطيع أن نلحق بالمستقبل. أم استسهلنا أن نرمى بلاءنا على أجدادنا لأننا لا نستطيع أن نتحمل وزر أفعالنا. وعلى افتراض صحة ميل بعض الفقهاء الذين ظهروا من قرون إلى العنف والتكفير والترويع فهل من المنطقى أن نتصور أنهم هم السبب الوحيد والرئيسى لانتشار الإرهاب؟!. وعلى نفس الوتيرة هل يمكن أن نخرج من تراث السلف الطالح مبررات لانتشار للفساد والقتل والسرقة حتى نتبرأ جميعا من كوارث مجتمعنا المريض ونقلب «الترابيزة على سلسفلنا ونخلص»، ثم كم هو عدد الإرهابيين فى مصر حتى نستبيح تراثنا بهذا الشكل الحقير وكأن الإسلام لم ير مسلمين قبلنا، رغم أن الحقيقة أن الإسلام لم يرى مسلمين مثلنا. للأسف قضايا متخلفة وعقيمة خصص لها الإعلام البرامج والمناظرات وعلى رأسه قناة فضائية «أكبر إنجازاتها الإعلامية كانت مسابقة رقص بلدى وهز يا وز»، والمصيبة أنهم لا يتجادلون حول التنمية الاقتصادية أو العدالة الاجتماعية أو تداول السلطة أو الحريات أو أى قضايا تنفع الناس، بل على العكس تماما فالقضايا المثارة كلها تافهة بلا دلائل ولا منافع ولا براهين، فتراهم يتناقشون عن زواج الفتيات قبل البلوغ، رغم أن هناك قانونا رسميا يجرم زواج الفتاة قبل 18 سنة، فما الداعى لهذا النقاش رغم أن نصف مصر عوانس ومتوسط سن الزواج وصل للشيخوخة، ثم فجأة يفتحون النقاش فى حكم الزنا وعدد الشهود ووضوح الرؤية وما إلى ذلك ناسين أو متناسين أننا نعيش الآن فى مبانٍ خرسانية ولسنا فى العراء أو الخيام وهناك مباحث للآداب وتحريات، ثم ما ذنب الناس أن يفتنوا فى دينهم بهذا الهراء أو يشغلوا أفكارهم بهذه الأمور القديمة الميتة، فلكل عصر أحكامه وأفكاره وفقهه وظروفه، ومشكلتنا ليست فى أخطاء السابقين بل فى غباء وتكاسل اللاحقين.. والله أعلم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة