حنان شومان

أن تكون امرأة فى الرحاب المقدسة

الجمعة، 03 أبريل 2015 08:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما من مسلم أو مسلمة إلا وتهفو روحه ما بين الحين والآخر لأن يرى الكعبة المشرفة بيت الله العتيق رأى العين ويلمسها بكفيه ثم ينطلق منها ليزور سيد الخلق محمد، صلى الله عليه وسلم، فى مدينته المنيرة التى عاش فيها حتى آخر عمره ويرقد فيها جثمانه الطاهر، ومثلى مثل هؤلاء فقد ضاقت بى الأرض بما رحبت من فرط سنين عجاف عاشها ويعيشها المصريون، فلم أجد من وسيلة لألتقط أنفاسى إلا أن ألحق برحلة إلى الأراضى المقدسة «مكة والمدينة»، لعلى أجد فى الاقتراب من الله والبعد عن البشر هدنة واستراحة، ولم تكن تلك رحلتى الأولى لتلك البقاع الطاهرة، ولكنها كانت رحلة مختلفة، فليس هناك فى التاريخ الحديث على ظنى حال أسوأ من حال المسلمين فى تلك الفترة، على كل المستويات سواء السياسية أو الاجتماعية أو حتى العلمية والثقافية، ومن بين الأسوأ جميعًا يقع العرب المسلمون فى القاع، ولذا فقد بدت لى تلك الرحلة غصبًا عنى وكأنها ملاحظة عن قرب لتجمع إسلامى على اختلاف مشاربهم وألوانهم واتجاهاتهم وجنسياتهم.

وبداية لم أستطع للحظة واحدة أن أنسى أنى امرأة، فرغم أن الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة فى الجزاء والعبادة والثواب والعقاب وكل شىء فإن كونى امرأة على الأرض وفى الأراضى المقدسة يعنى أنى على دائمًا أن أتنحى جانبا وأتوارى إلى الخلف، فكل الأماكن مهيأة أكثر للرجال، لم تكن الصعوبة وحسب كونى امرأة بين الرجال، ولكن حتى كونى امرأة بين النساء وخاصة العرب والمصريين، كان معاناة ما بعدها معاناة، فنحن ننقل عشوائيتنا معنا حيثما حللنا، فالعرب المسلمون، أو كثير منهم لكى أكون أكثر دقة، يختلفون تماما وخاصة النساء عن مسلمى مناطق آسيوية كإندونيسيا أو ماليزيا، فالحجاج من تلك المناطق أكثر نظاما وأكثر نظافة وأكثر تراحما فيما بينهم، فكأنهم أكثر تعبيرا عن روح الإسلام منا نحن أهل الضاد التى نزل بها الكتاب، فلا يمكن أن تجد امرأة ماليزية معتمرة تترك محمولها يرن طوال الصلاة، ولكنك ستواجه بعشرات، بل المئات، من رنات تحمل صوت نانسى عجرم أو محمد فؤاد أو عمرو دياب، وأنت عبثًا تحاول أن تتضرع إلى الله بدعاء تنسى فيه الدنيا وهمومها، ولكن أنى لك ذلك إذا كانت الخلفية «أخاصمك آه أصالحك لا»؟

أما الأطفال، وهم أحباب الله، فقد استطاع العرب المسلمون أن يحولوهم لشياطين تلهو حول الحجيج النساء، فلا حرمة لمسجد ولا فرصة للحظة صفاء، فهاك طفل يلعب فى المسجد النبوى أو الحرم المكى بكرة، وذاك يصرخ ويطلب لبن أمه، وآخر يشد النساء من جلابيبهن، وهكذا تجد المرأة نفسها محاصرة بالصراخ، فكيف بها تصفو نفسها وتتجه لله؟

أما السيلفى والتصوير فحدث ولا حرج، فلعنة الله على التكنولوجيا التى جعلت من شعائر الله لحظة تشبه التواجد فى الحديقة الدولية، ورُبَّ قائل يقول: لماذا تتذمرين من المسلمين أليس هذا يكاد يكون أكبر تجمع بشرى فى مكان محدود ولهذا فربما تلك أقل الأضرار والمنغصات؟ ولمن يردد مثل هذا الكلام أقول له: اذهب لبلاد بعيدة اسمها الصين أغلبهم لا يعبدون إله المسلمين الواحد الأحد، وقفْ لتشاهدهم وهم بالملايين يقفون فى صمت ونظام انتظارا لزيارة قبر ماو تسى تونج، وهو ليس رسولا ولا قديسا، ولكنهم فقط شعوب تعرف معنى احترام الموت كما تحترم الحياة، إن شعائر الحج والعمرة حيث اجتماع المسلمين على اختلافهم لهو أمر كاشف فاضح للمسلمين، يؤكد أن العيب فينا وليس فى ديننا، وأن العرب المسلمين خاصة عبء على الدين وإساءة له، بينما هو شرف لنا لا نستحقه.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الطير الحزين

اجمل مشاعر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة