تاريخياً ليس هناك عدد واضح ومحدد لمذبحة الأرمن التى ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وهى المذبحة التى تحتفل أرمينيا هذا العام بمرور مائة عام عليها، فهناك تفاوت كبير بين ما أعلنته الدولة الأرمينية بقولها أن مليونا ونصف المليون أرمينى كانوا ضحايا هذه المذبحة، وبين ما رصدته مراجع تاريخية ذهبت إلى أن العدد المعلن مبالغ فيه بشكل كبير.
لكن أيا كان العدد فإننا أمام جريمة تستدعى التحقيق الدولى على الأقل لتوثيقها بشكل حيادى، وتحميل الجانب التركى مسؤوليتها، باعتبارها خرقاً واضحا لحقوق الإنسان، لكن ينبغى ألا يكون هذا التحقيق قائما على المذبحة الأرمينية فقط، وإنما شاملاً لكل المذابح التى تعرض لها بنو الإنسان فى العالم، أما نتيجة لفترات الاحتلال أو خلال الحروب التى حصدت أرواح الكثيرين من المدنيين الأبرياء.
مطلوب التحقيق الدولى فى المجازر التى تعرض لها الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلى، وكذلك كل الجرائم التى ارتكبها الاحتلال البريطانى فى مصر، والاحتلال الفرنسى فى الجزائر وتونس وغيرها من الدول التى خضت للاحتلال.
مطلوب أيضاً التحقيق فى اتهام أذربيجان لأرمينيا بمسؤوليتها عن عدد من المجازر التى راح ضحيتها الآلاف ومن بينها مذبحة خوجالى التى وقعت فى 26 فبراير 1992، وراح ضحيتها 613 شخصاً من سكان خوجالى من بينهم 106 من النساء، و63 من الأطفال و70 من العجائز.
هذه كلها مجازر تستحق الاهتمام الدولى وتحميل مرتكبيها المسؤولية الكاملة عنها، خاصة أن استمرار الصمت الدولى بشأنها يعد بمثابة عار يشملنا جميعاً، لأننا غير قادرين على أن نقتص ولو بالقانون الدولى من مرتكبى هذه المجازر، وكأننا موافقون عليها وعلى الممارسات اللإنسانية التى تم انتهاجها من قوى الاحتلال ضد شعوب لم يكن له من هدف سوى العيش فى سلام واستقرار وأمان.
أرقام الضحايا وحدها لا تصنع الاهتمام بالمذابح، وإنما الاهتمام يجب أن يكون منصباً على الفعل ذاته أيا كان العدد، فقضية محمد الدرة كفيلة بوضع كل القيادات الإسرائيلية خلف قضبان العدالة الدولية، وكذلك حادثة دنشواى وغيرها من الحوادث التى أن أعدنا فتحها لحصلنا على حقوق أصحابها، لكننا للأسف لا نجيد هذا الأمر، وليس لدينا قدرة الأرمن ولا اليهود ممن استطاعوا حشد أنظار العالم كله خلف قضيتهم، فيما نحن الأحق بقضايانا لازلنا أسرى الخوف من المواجهة وأضعنا حقوق ضحايانا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة