إن كان فى الصيف شىء يستحق التأمل فهو الغروب، تلك اللحظات التى تنظر فيها الشمس إلى ساعة يدها، فتقرر جمع ذيولها استعدادًا للرحيل، وتستيقظ النسيمات العذاب التى اختبأت طوال النهار من غضب الشمس، فتتسلل باردة رقيقة تذغذغ حواسى.
العصافير تعى الأمر جيدًا تعرف ما عليها فعله، تعود إلى عشها الذى تركته طوال النهار بحثًا عن الرزق وأملاً فى بعض المرح، تجتمع على تلك الشجرة كل مساء، أعتقد أنهم يقيمون حفلة سمر تحكى فيها كل عصفورة لصديقتها عما رأته من أحوال البشر التعساء طوال اليوم. ويشرع عصفور عجوز بإسداء النصح للعصافير الصغار بضرورة الابتعاد عن البشر. أما أنا فكل ما عليا فعله هو أن أتجاهل انعدام موهبتى الغنائية وأصنع كوبًا من القهوة وأنا أغني، أصبحت أفكر جديًا فى إرسال برقية اعتذار لسكان الشقة المجاورة لأنهم يتحملون صوتى كل يوم وأنا أغنى لقهوتى.. ولكن ما ذنبى أنا لو أن الحظ ألقى بهم بجانب نافذة المطبخ! وما ذنبى إن كان الله خلقنى أعشق الموسيقى وأعطانى صوتًا مزعجًا المهم الآن هو أن أهرع إلى شرفتى لأتابع عشرات الدرجات من الألوان التى تشغل صفحة السماء قبل أن يسدل الليل ستاره ويلمع القمر محاطًا بلون الليل الأنيق، فخور باكتمال استدارته.
كم تشبه حياة الإنسان رحلة الشمس كل يوم، يولد هشًا كالفجر يثابر ويخطئ ويتعلم إلى ان يصل إلى ذروته، ثم يبدأ فى الاضمحلال ويرحل، تمامًا كما تفعل الشمس!! لكن هناك من يترك آثارًا لامعة كالنجوم تلهم الآخرين، وهناك من يرحل ولا يترك وراءه سوى حفنة من التراب. السر هنا يكمن فى الانسان ذاته, فى الايام والسنين التى تمضى بين الفجر والغروب.. أما أنا سأحاول صنع نجمة لاتركها حين ارحل، كأن اكتب تلك الكلمات لأخبركم كم هو رائع الغروب!
غروب الشمس
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة