أثار أوبريت "مصر قريبة" حالة من الجدل الفنى على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى، وفى اتصال مع الصديق المبدع محمد منير الذى احترم "عقل" الأغنية.. فبادلته الاحترام والبقاء على قمة "منطقته الخاصة" بعيدًا عن كل "التقاليع" على اختلاف أذواق جمهورها.. منير الذى يجيد خلق الإبداع أكثر من الحديث عنه، أبدى حماسة لفكرة الأوبريت كدعوة إلى رؤية النصف الممتلئ من الكوب بعدما طال بنا الاستغراق فى التركيز على النصف الفارغ.. عن مظاهر الجمال والمحبة التى تستحق إعادة صياغتها وتقديمها للعالم.
الانطباع المبدئى الذى أثارته كلمات "مصر قريبة" بمعانيها الحميمة التى نقلت بدقة وبساطة إحساسى كإعلامية عراقية مقيمة فى القاهرة منذ أربعين عامًا لم تنتابنى خلالها مشاعر الغربة عن وطنى الأم إلا عندما يأخذنى السفر فترة زمنية قليلة بعيدًا عن وطنى الثانى مصر.. كلمات مثل "انتى فى بلدك" و"انتى خلاص بقيتى مصرية".. لها وقع السحر وهى تداعب أذنى منذ الطفولة حتى الآن.. معانٍ صادقة لم تجتاحنى في بلد آخر، حيث هناك، أنت دائمًا "ضيف".. لكن الحميمية والدفء الذى يبلغ درجة التوحد مع الناس والأماكن والشوارع، لم تغمرنى إلا فى مصر "القريبة" رغم التفاصيل السلبية التى يقتصر تركيز البعض عليها.
انطباعات مدمنى النظر إلى نصف الكوب الفارغ نشطت على وسائل التواصل الاجتماعى، مجموعة آراء لا تصل إلى مستوى النقد بلغت درجة استحضار تفسيرات لم تخطر على بال "فرويد" نفسه -رغم سيطرة الغريزة الجنسية على نظرياته كمسبب للأمراض- الإسقاط "الفرويدى" جاء تحديدًا على مشهد غادة عادل، وكأن المفترض أن ينتهى الأمر بمن تجرؤ على الابتسام وهى تقدم زهرة للسائح إلى علاقة آثمة معه!!! أو أن شوارع الكورنيش هى مناطق "ذكورية" يُحظر على الفتيات التجول فيها وإلا سيُصبحن صيدًا للسائح العربى!!! بينما الشق الآخر اكتفى بالسخرية على "اليوتوبيا" المصرية كما ظهرت فى الأوبريت والمختلفة -كما يرونها- عن واقع المضايقات المعروفة التى يتعرض لها السائح.. الحقيقة أن شهادتى المحايدة بعيدًا عن الضغوط أو التحيز العاطفى، أن الكثير ما ظهر فى الأوبريت صادفنى شخصيًا عبر فترة إقامتى فى مصر، بل هناك مشاعر أكثر دفء وترحيب لمستها لم تظهر فى الأوبريت.. والأجدى بالمتربصين، بدلاً من السخرية على لقطات تسود فيها مشاهد جمال نتمنى أن تصبح غالبة على كل الصورة، المشاركة ولو بجهد بسيط كى تزداد مصر اقترابًا من هذه الصورة البديعة.. ليست أمنيات بقدر ما هى درس واقعى من تاريخ كل الشعوب وهى تعيد بناء بلادها.
لحن أحمد فرحات فى منتهى التوفيق والسلاسة التى تناغمت مع بساطة وعفوية كلمات نصر الدين ناجى.. خصوصًا أن اقتراح إدخال جملة "سالمة يا سلامة" بين مقاطع الأوبريت كانت فكرة رائعة من المبدع محمد منير .
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة