لحظة فارقة نعيشها ونحن نشهد هذا الحضور العربى على أعلى المستويات فى القمة العربية بشرم الشيخ، التى تتزامن مع أحداث عربية جسيمة، فالخطر الذى يهدد سوريا وليبيا والعراق ومن قبلها الصومال والسودان وحاليا اليمن، يقتضى وقفة حازمة هى وقفة اليقظة أو المصير، فلا مجال الآن للفُرقة والتناحر، لا مجال للنجاة الفردية، أو الاعتقاد بأن الاستناد إلى قوة غربية يمكنها تحقيق الحماية أو توفير الأمن والاستقرار بعيدًا عن الإعصار الذى يضرب المنطقة.
القمة العربية بشرم الشيخ تنعقد فى لحظة تشبه حرب الخليج الثانية، أو حرب تحرير الكويت من الغزو العراقى، لكن شتان بين الحدثين واللحظتين، فاللحظة الأولى كانت لحظة انكسار الحلم القومى العربى، عندما قررت دولة عربية ابتلاع دولة أخرى، وتبدلت الأدوار بين العدو والصديق، ولم يعد العربى يعرف إلى من يلجأ وبمن يحتمى.
أما اللحظة الراهنة التى تشهد تجمع 12 دولة عربية ومساندة بقية الدول الشقيقة لردع التمدد الفارسى فى اليمن، فهى لحظة عودة الوعى، وعودة الحلم القومى العربى من رماده مجددًا، وليس غريبًا إذن أن يبعث العرب حلمهم القديم، حلم تشكيل قوة ردع عربية مشتركة على الأرض لأول مرة منذ المطالبة بها فى الخمسينيات من القرن الماضى.
هل كنا بانتظار أكثر من سبعين عامًا حتى يدرك العرب أن الاتحاد الحقيقى عسكريًا واقتصاديًا هو مصدر الأمن لهم جميعًا فى مواجهة الأطماع والتحديات الخارجية؟
هل كنا بانتظار هذه السنوات الطويلة حتى يشعر المواطن من البحرين إلى المغرب لأول مرة بانتمائه العربى الذى لا يتعارض مع انتمائه الوطنى، والذى يتجاوز الصراعات الصغيرة والخلافات القديمة بين الدول العربية؟
المهم فى هذه اللحظة غير المسبوقة من الوحدة العربية أن نستطيع استثمارها والبناء عليها عربيًا لتكوين أساس وحدوى قوى، أساسه الاقتصاد والتكامل، وتحميه قوة عسكرية مشتركة، وساعتها لن تستطيع أى قوة إقليمية أو دولية أن تطمع أو تعتدى على أى عضو فى الجامعة العربية دون أن تحسب التكلفة الكبيرة التى تدفعها، وساعتها يمكن أن نردد عن حق: «أمجاد يا عرب أمجاد».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة