الحرب على الإرهاب أحد أهم التحديات التى تواجه الوطن، لأنه لا استثمار اقتصادى ناجح فى ظل إرهاب يهدد حالة الاستقرار، ولا شك أن رجال الشرطة والجيش يبذلون جهوداً مضنية ويقدمون شهداء وجرحى فى معركة شرسة لهزيمة الإرهاب، لأن العدو فيها غير مرئى.. ومراوغ.. وأمامه ألف هدف وهدف يمكن أن يضربه، لذلك فالمعركة صعبة وطويلة، وتتطلب معالجات أمنية قوية وحاسمة وذكية، كما تتطلب أيضاً حلولاً سياسية.
ما يهمنى اليوم هو مناقشة دور إعلامنا العام والخاص فى محاربة الإرهاب، وبداية أقر بأن إعلامنا قام بأدوار مهمة فى تحليل الفكر المتطرف والتصدى للفتاوى التحريضية، إضافة إلى فضح جماعة الإخوان والعلاقات المتشابكة بينها وبين جماعات العنف والإرهاب فى سيناء وداخل مصر، ولكنه فى المقابل يعانى من تقصير فادح فى إنتاج وتداول خطاب إسلامى مستنير يقدمه للجمهور، خاصة الشباب، فى قوالب وأشكال جاذبة بسيطة، تجمع بين الكلمة والصورة، وتتسم بالعمق والمصداقية.
لا يزال أغلب ما يقدم من مواد إعلامية ضد الإرهاب، سواء فى الصحف أو الإذاعة أو التليفزيون، قديما ومعادا ويفتقر للتجديد فى الشكل والمحتوى. من هنا أدعو لضرورة تجديد كل البرامج الدينية، وكذلك البرامج الحوارية العامة والتقارير والأخبار التى تتناول أفكار وأنشطة جماعات التطرف والإرهاب سواء داخل مصر أو خارجها.
وهناك جانب آخر بالغ الأهمية والخطر أهمله إعلامنا، وهو توعية المواطنين بأشكال المتفجرات التى يزرعها الإرهابيون لتهديد الأبرياء، وكيفية التعامل معها ومع باقى أساليب الإرهابيين فى القتل والتفجير وتجنيد الشباب، فللأسف الشديد لم تبادر قنوات التليفزيون والصحافة والإذاعة بتنظيم حملات توعية شاملة تستهدف إشراك المواطنين فى الحرب على الإرهاب، من خلال تقديم معلومات بسيطة عن أشكال المتفجرات وكيفية الإبلاغ عنها والتعامل معها.
لذلك علمنا من الصحف أن مواطن اكتشف عبوة ناسفة حملها وذهب بها إلى قسم الشرطة!! ومواطن آخر ألقى بها فى أرض فضاء فانفجرت.. ومواطن ثالث وضع العبوة الناسفة فى «جردل» ماء!!، ومؤخرا انفجرت عبوة فى «منة سيد رجب» تلميذة الابتدائى التى ظنتها لعبة، فحملتها من أمام مدرستها إلى منزلها لتلعب بها!!، كل هذه النماذج وغيرها تكشف عن أهمية تنظيم حملات توعية للمواطنين بحيث يتحولوا من دور المتفرج إلى دور المشارك بوعى فى التصدى لتهديدات الإرهابيين وأعمالهم الخسيسة.
وإذا كان الإعلام قد وقع فى خطيئة الإهمال، فإن وزارات الداخلية والتعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة عليهم القيام بتنظيم هذه الحملات الإعلامية حتى يعرف كل مواطن أو طالب فى مدرسة أو جامعة واجبه فى معركة التصدى للإرهاب، ويبادر بإبلاغ السلطات عن أى جسم غريب، ويبتعد عن أماكن العبوات الناسفة التى يقوم خبراء تفكيك العبوات الناسفة بالتعامل معها، فليس من المعقول أن يتجمع المارة حول هؤلاء الخبراء ويتزاحمون للفرجة على عملية إبطال العبوة مما يضاعف من المخاطر والتهديدات.
لكن لابد أن تنظم هذه الحملات بأشكال جديدة، ولغة بسيطة مكثفة تبتعد عن لغة الحنجورى.. والخطابة والعبارات التقليدية الرسمية، فمن المفيد استعمال نبرة هادئة وإنسانية، مع زيادة الاعتماد على الصور، والتفاعل بين المواطنين من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، جنبا إلى جنب مع خطوط الاتصال الهاتفى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة