مصر تخوض حروب حقيقية، فى الداخل حرب، وفى الخارج حرب، وجدان يستلب، وحضارة تخرب، وحضور يبدد، وعقول تغيب، ومخطئ من يظن أن هذه الحرب تعتمد على الأسلحة والخطط العسكرية فحسب، فالحرب الفكرية هى الأساس، ولا يمكن أن تفوز مصر فى هذه الحرب أو تنتصر دون أن ترفع شعار «يد تحارب ويد تحمل الكتاب» لكن للأسف فى الوقت الذى يتأهب فيه جيش مصر لهذه الحرب بكل ما أوتى من قوة، تغرق وزارة الثقافة المخولة بنشر العلم والأدب وتصحيح المفاهيم فى حروبها الداخلية وصراعاتها الحفية، ويغرق مسؤولوها فى الحروب الإعلامية التى لا نجنى من ورائها سوى مزيد من التشتت والبعد عن الأهداف الوطنية.
على مدار الأيام القليلة الماضية، شغل الوسط الأدبى بمعركة الوزير «عبد الواحد النبوى» ورئيس قطاع الفنون التشكيلية «أحمد عبدالغنى» مسؤولين كبيرين، مهمة الأول أن يرعى الثقافة والمثقفين فى مصر بشكل عام، ومهمة الثانى أن يرعى الفنانين التشكيليين فى مصر بشكل خاص، لكن للأسف لا قام الأول بمهمته ولا الثانى اقترب منها، لم يشغل الوزير باله بأن يعد خطة ثقافية استراتيجية لنهضة مصر الثقافية، وأن يعتمد على كوادر الوزارة الناجحة من أجل رسم هذه الخطة أو تنفيذها، ولم يشغل رئيس قطاع الفنون التشكيلية باله بأن يعمل قليلا بدلا من الغرق فى فتنة إصدار البيانات والإعلان عن مشاريع ثقافية «وهمية»، معتمدا على بيت شعر كبيرنا عبدالرحمن الأبنودى «يا عم أقعد بس واشرب شاى/ الدنيا ماشية وشعبنا نساى»
وزير الثقافة هو الآخر لم يجتهد فى ترتيب البيت من الداخل، وإنما اجتهد فى إصدار البيانات التى توحى بأنه «يعمل»، وبدلا من أن يدير وزارته عبر خطط إصلاح حقيقى، اكتفى بأن يدير وزارته عبر صفحة الوزارة على الفيس بوك بأن يقول: إنه اجتمع مع فلان أو خاطب فلانا وانتقد فلانا ونهر فلانا، ولم يقل له أحد مقربيه إن إدارة الوزارات لا تكون بهذه الطريقة، وأن «رجال الدولة» لا يغرقون فى مثل هذه المهاترات، والنتيجة أن رئيس قطاع الفنون التشكيلية استجاب لمباراة الردح هذه، وأصدر بيانا يعلن فيه استقالته من القطاع متهما الوزير بالكذب، وتلفيق الاتهامات وسرقة الأفكار والمقترحات ونسبها لنفسه.
معركة تافهة، لا يتسع المقام هنا لأسرد لك تفاصيلها وكواليسها وخباياها، لكنها تدل بلا شك على أن هناك حالة «صبيانية» فى إدارة وزارة الثقافة، ومن المؤسف أن يتولى أمور الوزارة «صبيان» فى الوقت الذى تحتاج الجولة فيها إلى «رجال».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة