على الصعيد الرسمى هذه" الهلوسة" التى لا ترتقى إلى مستوى تصريح سياسى لأنها تنتهك كل مواثيق العلاقات الدولية والجيرة ليست مجرد تعبير صارخ عن الغرور الذى أصاب "ملالى" آيران نتيجة عدة متغيرات، أهمها قيادة الرئيس أوباما لمسارات الدبلوماسية والسياسة الأمريكية نحو إيجاد دور فعّال وقوى لإيران فى المنطقة العربية مما يُعزز من تحويل المنطقة إلى ساحات للصراع الطائفى.
حدة الجدل المثار حاليا فى أمريكا حول مسلسل التخبط الغالب على سياسة أوباما فى المنطقة بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى سيصبح وفق كل الدلائل من العوامل المؤثرة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، كما أسهمت التغييرات التى عاشتها المنطقة العربية على مدى الأربعة أعوام الماضية فى ارتفاع حدة التهديدات الإيرانية، هذا الغرور الذى أعمى قادة إيران وحجب عنهم حتى صورة من التاريخ القريب للحليف الأقرب إلى أمريكا "شاه إيران" وهو يتنقل بين الدول فى ضعفه بحثا عن العلاج، وكانت أمريكا أول الدول التى رفضت منحه حق الإقامة فى أراضيها!!.
التصريحات تمثّل قمة الإهانة -على الصعيد الشعبى- لدماء آلاف العراقيين الذين استشهدوا دفاعا عن وطنهم فى الحرب على تنظيم داعش.. أما على الصعيد السياسى، فإنها تُلغى كل مقومات سيادة العراق، كما تُجرِد حكومته الحالية من استقلاليتها حين تُقلِص مسئوليها إلى مجرد "موظفين" لدى المندوب السامى الإيرانى.. والمثير للتساؤل أنه رغم الإشارات الإيجابية التى حملتها تصريحات وتحركات رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادى، إلا أن صمت الحكومة العراقية لا يحمل تفسيرا سوى التخاذل.. إذا كان هدف مثل هذه التصريحات زعزعة التحالف الدولى لمحاربة الإرهاب برعاية أمريكا- الذى ولد أصلا فى ظروف متخبطة- لصالح سيطرة إيران على الموقف فى منطقة الخليج العربى، وإذا كان العداء الإيرانى التاريخى للجيش العراقى حقيقة بحكم آلاف الأدلة عبر التاريخ التى تؤكد رغبتهم فى إخضاع هذه المؤسسة الوطنية عن طريق الانكسار والصراع الطائفى.. فإن موقف الحكومة العراقية السلبى تجاه هذه "الهلاوس" الإيرانية يشكل خطرا كبيرا على مسار مستقبل الحرب ضد داعش.. إذا لم تقترن الانتصارات العسكرية التى بدأ يحققها الجيش ضد داعش وتُستكمل بانتصارات سياسية تضع الحدود الفاصلة بين سيادة العراق كدولة عربية وبين "ملالى" الدولة الجارة التى يتعامل أفرادها مع العراق على أساس أنه مساحة امتداد جغرافى لإيران!.
تصريحات العبادى حول إجراءات من شأنها تصحيح الكثير من الجرائم التى ارتكبت فى حق الجيش كمؤسسة وطنية.. تظل أمام تحدى إثبات مصداقيتها عبر رد قوى وحاسم يصدر عن رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية يُعيد "ملالى" آيران إلى صوابهم.. خصوصا وأن العبادى يعى جيدا أن الشارع العراقى الذى قاوم مشروع "التقسيم" بدمائه.. سيقف بنفس الروح المقاومة أمام تحويل العراق إلى امتداد إيرانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة