سارعت فرنسا وبريطانيا وتركيا فى الإعلان عن رفض تصريحات وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الذى قال فيها: إن التفاوض مع بشار الأسد أمر لا مفر منه، لإنهاء الحرب الأهلية السورية التى دخلت عامها الخامس.
سيل التصريحات الرافضة لما ذهب إليه «كيرى» دفع الدوائر الأمريكية لإعادة تفسير تصريحات وزير الخارجية بقصد تخفيفها، وبالرغم من ذلك لا يمكن إغفال حقيقة أن المسؤول الأمريكى لم يقل كلامه كذلة لسان، وإنما هو يقصد ما ذهب إليه تماما، والحقائق على الأرض هى التى تدفع إلى ذلك.
أول هذه الحقائق، تأتى من أنه منذ الإعلان عن التحالف الدولى ضد تنظيم الدولة الإسلامية داعش، ورغم الضربات التى تمت ضد مواقع التنظيم، فإنه لم يحدث تغيير جوهرى على الأرض ينبئ بخسائر فادحة لـ«داعش»، ويمكن قراءة الحشود العسكرية العراقية بقيادة عسكرية إيرانية لتحرير «تكريت» من قبضة التنظيم فى قلب هذه المسألة، فالسماح لإيران بالقيادة العسكرية أو على الأقل بدور رئيسى فيها، يمكن تفسيره على نحو أنه فشل ذريع للتحالف، وتسليم بالقبضة الإيرانية القوية فى العراق، وفى الإجمال تسليم بقوة إيران ونفوذها الإقليمى فى المنطقة. ولا يمكن قراءة هذا التحول بمعزل عن الوضع فى سوريا، فواقع الحال يقول: إننا نعيش إقليميا هذه الأيام لعبة «الدومينو»، وفى مرحلة تحريك قطعها، غير أنه وبحسابات الواقع نجد أن «إيران» كطرف تحصد أكثر من غيرها «قطع اللعبة»، فالنظام السورى الذى راهنت أمريكا وفرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر وباقى دول الخليج وجماعة الإخوان وكل التنظيمات الإرهابية على سقوطه خلال عام 2011، وراهنت إيران على بقائه وساندته من اللحظة الأولى، ها هو يمر العام الرابع، وواقع الحال يقول إنه ما زال الطرف الذى لا يمكن تخطيه فى الأزمة السورية.
القراءة الأمريكية للوضع الحالى فى سوريا لو صدق «كيرى»، لا تعبر عن غرام أمريكى مفاجئ لبشار، وإنما تسليم بأنه فى حال انتصر الإرهاب فى سوريا، سنكون أمام سقوط الدولة السورية، كما حدث فى ليبيا بعد سقوط القذافى، فهل أصبحت «النظرة الأمريكية» نحو سوريا أكثر تعقلا من نظرة أطراف خليجية؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة