سأل الأستاذ طلابه: أيهما أهم أنت أم الآخر؟
لم يتردد أحد من الطلاب فى الإجابة السريعة: (أنا أهم من الآخر)، ابتسم الأستاذ وأعاد طرح السؤال عليهم بصيغة أخرى: عندما كنت طفلا.. هل كان من الممكن أن تعيش دون اهتمام ورعاية من حولك؟ إذن الآخر أهم!
فوجئ الطلاب بالمثال الذى ضربه الأستاذ، لكن أحدهم تردد قليلا ثم حسم أمره وأعلن: (وليكن... لكنى أشعر أنى أهم من الآخر). لم ييأس الأستاذ وحافظ على هدوئه وابتسامته، وأطلق سؤالا أربك الجميع: أيهما أضعف: (طفل الإنسان أم طفل السمكة؟)، ثم عرض لوحة توضح حجم كل منهما، فانبرى الطلاب يعلنون بثقة تامة: طفل السمكة أضعف!
لكن الأستاذ أخبرهم أن طفل السمكة ليس فى حاجة إلى أحد.. إنه مزود بغريزة السباحة، لذا سيعيش دون الحاجة إلى أحد، أما طفل الإنسان، فلن ينجو من الموت لو لم يشمله بالرعاية إنسان آخر بالغ. ثم واصل الأستاذ ضرب الأمثلة التى تؤكد أن المرء لا يمكن أن يحيى بدون الآخر، وأنه قليل الحيلة تمامًا إذا لم يتمتع بمساعدة الآخرين فى أى لحظة من لحظات حياته، سواء كان طفلا أم رجلا أم امرأة!
الحق.. إن كثيرًا منا لم يفكر فى هذا السؤال من قبل، رغم أهميته القصوى، ويبدو أن العقود الأخيرة قد أصابته بتشويش تام، إذ أصبح كل واحد يؤمن تمام الإيمان بأنه الأهم والأفضل، وأن الآخر غير موجود أصلا، أو مجرد «خادم» له فى أفضل الأحوال، وهكذا صار من الطبيعى أن تتسيد قيم الأنانية والطمع والجشع مشاعر الغالبية العظمى من الناس. تأمل حالنا الآن.. ستكتشف كيف أهمل كل واحد منا التفكير فى الآخر إهمالا تامًا.. فى أى مكان.. يتصرف الفرد بوصفه الوحيد فى هذا المكان.. يستأثر وحده بالمساحة الجغرافية ويستولى وحده على الهواء الطائر، ولا يوجد أى اعتبار للآخرين الذين يشاركونه الزمان والمكان.
لا ريب عندى فى أن الزحام الشديد يسهم بنصيب فى تعزيز مشاعر الأنانية، لكن علينا التفكير جيدًا فى أن الآخر قد يكون أهم من الأنا كما أوضح الأستاذ لطلابه!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة