نبرة لا تخلو من التعجب -لا أقول التهكم- تغلب على حديث بعض الدبلوماسيين والإعلاميين من أمريكا ودول الغرب، كلما جمعتنا لقاءات اجتماعية، عن سيطرة "نظرية المؤامرة" على العقلية العربية والمبالغة فى إلقاء تداعيات أحداث المنطقة العربية على "شماعة" أمريكا، هذه الحالة الجدلية قد يُعلن العقل العربى استسلامه لها وقبوله بها فى حالة نجاح سياسات أمريكا ودول الغرب تبنى موقف واحد يتسم بالجدية والحسم بعيدا عن القوالب المطاطة للتصريحات المبهمة التى تصدر عن مؤسساتهم الرسمية.
هل تصبح علامات الاستفهام المنطقية والمبررة ضمن "نظرية المؤامرة" أمام مشاهد انفجارات مدينة القبة الليبية الأسبوع الماضى التى راح ضحيتها حوالى 45 شخصا "عربى" -ضع تحت الكلمة عشرين خط- ثم يُعلِن تنظيم داعش بعد ساعة مسئوليته عن التفجيرات كرد على الهجمة التى قام بها نسور سلاح طيران الجيش المصرى -وهم "عرب" أيضا بالطبع- على مدينة درنة ثأرا لأرواح 21 مصريا -"عربى"- تم ذبحهم على يد هذا التنظيم الوحشى، التسلسل المنطقى للأحداث يُعلن بوضوح لا لبس فيه عن نهج استخبارى معقد تعجز عن مجاراته حتى الشياطين.. وإلاّ كيف يكون العمل اادستخبارى الهادف إلى استفزاز المشاعر وإثارة حالة عداء عربى-عربى.. الفكر العربى كى يتطهر من "نظرية المؤامرة" عليه تصديق أن تنظيما لا يتجاوز عمره عامين يمتلك كل هذه الخبرات القتالية، التدريب على العمل الاستخبارى، التسليح.. واذا لم نرضى "بيع" عقولنا.. يكون الثمن الطرد من "جنة" أمريكا.
مساعى الدبلوماسية المصرية نحو وضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته والارتقاء فى قراراته الدولية إلى مستوى المخاطر والتهديدات.. يقابلها إصرار أمريكى-أوروبى على شعار "هزلى" يخلو من أى طرح جاد أو رغبة حقيقية لإنقاذ الأوضاع المتردية فى ليبيا.. أو حتى تفسير سياسى يخاطب العقل ويبين آلية فرض الغرب "الحلول السياسية" على تنظيمات جهادية تفرض سيطرتها على مناطق ليبية كاملة مثل داعش وفجر ليبيا وغيرها.. الرافضة أصلا لفكرة قيام دولة وطنية!! إذا كانت القاعدة وداعش وأنصار بيت المقدس مدرجة ضمن جماعات "إسلامهم المعتدل" الذى يصرون على فرضه كفصيل على العالم العربى.. عندها يحق للعالم -وللعرب- إعادة قراءة المشهد منذ ما بعد التاسع من سبتمبر 2001 لفهم دوافع ومبررات الحرب الأمريكية على أفغانستان – إذا كانت الحلول السياسية هى الطريقة الأمثل وفق الرؤية الأمريكية-الغربية.
يكفى عامل التوقيت لربط تتابع الأحداث -بمعزل عن "النظريات" والمتآمرين- أولا.. مصر تتبنى جهودا سياسية - دبلوماسية لخلق تحالف عربى منذ 30 يوليو.. جيش مصر يخوض فى سيناء حربا ضد تنظيمات جهادية تتلقى تعليماتها من داعش بعدما أعلنت الولاء له علنا.. خصوصا أن داعش غير قادر على اختراق الحدود المصرية نتيجة إجراءات التأمين المحكمة.. داعش يُثير عبر ارتكاب مجزرة عقيدة الجيش المصرى فى الدفاع عن أبناء وطنه.. يتبعها بانفجار يريق المزيد من الدم العربى فى محاولة شيطانية من داعش لوضع الدم العربى-العربى فى مواجهة، وهى محاولة لإفشال فكرة أى تحالف عربى مع انتشار الشائعات التى تحمل طابع الأخبار المؤكدة، عن خلافات عربية-عربية.. أخيرا، تهدئة دولية بقيادة أمريكا لعدم إقرار حلول سريعة وحاسمة فى الأزمة الليبية رغم تصاعد العنف.. "كوكتيل" سياسى، استخبارى، عسكرى، من إعداد "بارمان" أزعجه التحويل الذى أجرته مصر على مسار كان يحظى بدعمه ومباركته.. هى إذا محاولات مشروعة للفهم بعيدا عن تقمص دور كهنة معبد "نظرية المؤامرة".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة