أعرف كغيرى أن مصر تعيش مرحلة فاصلة فى تاريخها، بل فى تاريخ الأمة العربية كلها ومنطقة الشرق الأوسط، وأعرف كغيرى أننا محاطون بالأعداء من كل جانب شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا، وربما هذا ما يدعونى إلى كتابة ذلك المقال، فحين تحيط الأخطار بالدول أوالمناطق أو حتى البيوت لا سبيل إلى الخلاص من ذاك الخطر إلا بمتانة وتماسك الدولة أو المنطقة أو البيت من الداخل، فلا شىء قادرًا على حماية أى مكان من خارجه إلا قوة داخله، ولذا فمهما توالت علينا من محن خارجية لن يحمينا إلا داخل مصر وأهلها، وللحق فإن الحالة الداخلية فى مصر تدعو لما هو أكثر من القلق، بل صارت تدعو إلى الخوف تمامًا، كخوفنا من الحالة الخارجية، بل أكثر.. السيد رئيس الجمهورية، الحب وحده لم يعد يكفى، نعم، فكثير من هذا الشعب يحبك ويدرك أنك كنت الخلاص لهم من جماعة أرادت ابتلاع الوطن، وأنت تبادلهم الحب كما يبدو دائمًا فى كلماتك للشعب، حتى قبل أن تتولى الرئاسة، لكن كل هذا الحب المتبادل لم يعد يكفى، ولأننى كغيرى ندرك أننا فى حالة حرب، وهى مهمة يتولاها الجيش والشعب وراءه، فما أحوجنا إلى أن نطالب فى هذه اللحظة بالتحديد من الرئيس ألا يترك الساحة الداخلية نهبًا لكثير من الأخطاء والأخطار.
هناك عشرات، بل مئات من الملاحظات والأخطاء التى من الممكن أن أسردها، لكننى سأكتفى ببعض الأمثلة، أما الأخطار فهى جبهة داخلية يزيد كل يوم انقسامها وتفتيتها، ليس على حب الوطن، لكن على فهم كيف يحبهم الوطن، أمهات شباب يموتون ولا أحد فى الدولة يخرج عليهم رسميًا ليقول لهم من قتل أبناءهن، فهل الدولة لا تعرف بعد من قتل شباب النادى الأهلى فى بورسعيد؟، أم أن الدولة تعتمد على أن الشعب سينسى؟، والأمر نفسه- وإن كان أكثر وضوحًا- حدث مع مشجعى نادى الزمالك فمات منهم من مات، ثم تمر الأيام، وسننسى، لكن الأمهات لن تنسى، ولا أحد يدفع ثمن الموت، فلا مسؤول يستقيل أو يُقال، ولا رد فعل قويًا يشير لأهل الغائبين وأحبائهم إلى أن هناك دولة يقظة لحق أبنائها فى الداخل، صحيح أن الجيش تحرك لأجل 21 مصريًا ذبحوهم فى ليبيا، واصطفت مصر بكل طوائفها وراء هذا الموقف، فلمَ لا تصطف معًا من أجل القتلى فى الداخل؟، فالحب وحده يا سيادة الرئيس لم يعد يكفى.
السيد رئيس الجمهورية، نعرف أن الأحمال ثقيلة، لكنك قبلت بحمل المسؤولية، وإن كنا فى حرب، فمن المعروف أن الدول حين تكن فى حالة حرب فعلى حكوماتها أن تكون عفية قوية، تحكم الأسواق الداخلية، بما يضمن حتى العدالة فى الظلم، والحق أن الحكومة ليست عفية ولا قوية إلا فيما يخصها من الجباية، لكنها تترك المواطنين فى مواجهة التجار بلا رقيب ولا حسيب، فالأسعار كل يوم فى زيادة، ولا يد قوية تحمى ظهور وجيوب المواطنين، فالحب وحده لم يعد يكفى.
سيادة الرئيس، نحن لا نملك من تاريخ نباهى به الأمم أكثر من تاريخ الفراعنة، ورأس توت عنخ آمون هى درة هذا التاريخ الذى أُنشئت له وزارة خاصة بالآثار بعد الثورة، فإذا بوزيرها الحالى يشارك ولو بالصمت وقلة الحيلة والكذب- للأسف- على فضيحة عالمية بتشويه القناع، ثم لا حسيب ولا رقيب حتى على التاريخ، وكان ذلك يستدعى وقفة رئاسية، لأن الحب وحده لم يعد يكفى. لدىّ كما لدى غيرى من مواطنى هذا البلد حكايات وخطايا وأخطاء، بعضها نتغاضى عنه، أو نرجئ الصراخ منها، لأننا نحبك، لكن فى المقابل هناك حكايات وخطايا وأخطاء الحب وحده لم يعد يكفى للسكوت عليها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
ياريس لا نريد نجما من السماء .. نريد فقط عداله قى الارض
بدون