محمد فودة

محمد فودة يكتب.. خطاب «السيسى» يضع النقاط فوق الحروف

الأربعاء، 25 فبراير 2015 07:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى مجرد كلمة تقليدية موجهة من الرئيس إلى الشعب الذى أحبه من قلبه، والتف حوله فى أحلك الظروف وأصعب الأوقات، إنما كان بمثابة نقطة انطلاق حقيقية لمرحلة فاصلة من عمر الوطن، مرحلة مصارحة صادقة وحقيقية، فقد تضمن الخطاب إجابات واضحة لتساؤلات عديدة يموج بها الشارع المصرى، وهى تساؤلات كانت تحمل فى طياتها علامات استفهام كبيرة صنعتها أحداث جسام مرت علينا بإيقاع سريع أصاب الناس بحالة من التشتت.

لقد استطاع الرئيس السيسى بكلماته البسيطة والصادقة التى كانت نابعة من القلب أن يزيح الستار عن الكثير والكثير من الأمور التى ظلت محاطة بالغموض، وفى مقدمتها على الإطلاق تلك الحرب التى تخوضها مصر الآن ضد الإرهاب فى الداخل وفى الخارج أيضًا، وهو ما ترجمه الرئيس بحرصه على توجيه التعازى لكل المصريين فى أبنائنا من رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية، وأبنائنا الذين سقطوا فى أحداث استاد الدفاع الجوى، وتوجيه التعازى لشهدائنا الذين سقطوا فى ليبيا، هؤلاء الأبرياء الذين اغتالتهم يد الغدر والخسة فى أثناء عملهم، حيث كانوا يعملون من أجل لقمة العيش، وقد تجلت المشاعر الإنسانية التى يتحلى بها الرئيس فى أروع صورها حينما كشف النقاب عن أنه لم يكن قادرًا على أن يقدم التعازى إلا لو قامت القوات المسلحة بالثأر، وبمنتهى الحسم والقوة، وهو ما تم بالفعل، وبشكل عاجل، فأطفأ النار التى اشتعلت داخل صدور المصريين، حزنًا على هؤلاء الأبرياء الذين ذبحهم تنظيم داعش فى ليبيا. وقد وضع الرئيس النقاط فوق الحروف حينما حسم الجدل الدائر حول طبيعة تلك الضربة الجوية التى قامت بها قواتنا المسلحة لتدمير معسكرات ومخازن للسلاح تابعة لتنظيم داعش داخل الأراضى الليبية بقوله: «قواتكم المسلحة قامت بما ينبغى القيام به ردًا على ما حدث فى ليبيا بحق المصريين، نحن لا نعتدى ولا نهاجم ولا نغزو أى دولة أو أى أحد، إنما نحمى بلادنا وشعبنا»، فتحولت كل كلمة قالها فى هذا الصدد إلى حافز قوى دفع كل مصرى استمع إلى تلك الكلمات لأن يشعر بالفخر والعزة والكرامة، ويشعر بالزهو، لأنه يحمل الجنسية المصرية. كما تطرق حديث الرئيس إلى مناطق كانت شائكة من قبل، فقد ألقى الضوء على حادثين مهمين شغلا الرأى العام فترة طويلة، وأحيطا بنوع من الغموض وتضارب الآراء، فقد أكد أن أى تقصير وأى مشكلة ستترتب عليها محاسبة المسؤول المقصر، والمتسبب فى هذا التقصير أو هذه المشكلة، وكان بهذا القول يعنى حادث مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، وكذلك الحادث المأساوى الذى راح ضحيته الكثير من أعضاء الألتراس فى مباراة استاد الدفاع الجوى.

وبكلمات تفوح منها رائحة الشفافية، تحدث الرئيس إلى الشعب، وهو يقدم كشف حساب عن الإنجازات التى تحققت خلال الأشهر السبعة الماضية، حيث قال إنه تولى المسؤولية فى ظروف بالغة الدقة والحرج على مصر، حيث كان هناك تجميد لعضوية مصر فى الاتحاد الأفريقى، وعدم اعتراف بالتغير والتطور اللذين حدثا فى مصر من جانب كثير من الدول، وعدم تفهم كثير من الدول للأوضاع التى تدور فى مصر والمنطقة، ثم الموقف الاقتصادى، والموقف الأمنى، «نقاط كتيرة جدًا جدًا بدأنا بها منذ 7 شهور». وها هو الواقع الآن يشير إلى أننا على الصعيد الأفريقى- على سبيل المثال - تحركت مصر، ونجحت فى استعادة عضويتها فى الاتحاد الأفريقى، وتم رفع التجميد الذى كان موجودًا على هذه العضوية، وبدأ التحرك نحو أفريقيا بزياراته التاريخية إلى الجزائر وغينيا الاستوائية والسودان وإثيوبيا، وحدث تطور إيجابى وتفهم أكثر للعلاقات بيننا وبين إثيوبيا، وهو ما ترتب عنه أن استعادت مصر، ومازالت تستعيد مكانتها على الصعيد الأفريقى.. فها نحن نبدأ حقبة جديدة جدًا فى العلاقات مع أشقائنا فى أفريقيا، وهناك إجماع أفريقى كامل من جميع الدول الأفريقية على دعم ترشيح مصر لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة.

وكأن التاريخ يعيد نفسه، فقد أعادنا الرئيس إلى أمجاد توحيد مصر للصف العربى، والترابط العربى الذى كانت مصر تمثل العمود الفقرى فيه، فالتعبيرات البسيطة التى خرجت من الرئيس فى كلمته إلى الشعب أوضحت كم هى رائعة تلك اللحظات التى التفت فيها الدول العربية حول مصر، مؤيدة ومساندة لنا فى حربنا ضد الإرهاب، وهو ما تجلى فى أروع صوره بقيام القادة من الأشقاء العرب بالاتصال به، وفى مقدمتهم جلالة الملك عبدالله، ملك الأردن، الذى قام بتقديم التعازى شعبًا وحكومة وقيادة، وعرض على الرئيس إرسال قوات من أجل مجابهة خطر الإرهاب، وهو رد فعل رائع ومقدر من قبل جلالة الملك، ليس هذا فحسب، بل إن أشقاءنا فى السعودية والإمارات والكويت والبحرين كلهم كان موقفهم نفس هذا الموقف المشرف، مما يبرهن أن الحاجة إلى توحيد الأمة العربية أصبحت أكثر إلحاحًا، لأن التحديات التى تواجه المنطقة والدول العربية تحديات ضخمة جدًا، والتغلب عليها يتطلب ضرورة توحيد الصف العربى.. خلاصة القول فإن كلمة الرئيس إلى الأمة جاءت هذه المرة منهجًا جديدًا فى تعامل القيادة السياسية مع الشعب، وهو توجه أراه أحد أهم وأبرز ملامح مصر الجديدة التى تتشكل ملامحها الآن، وتسير بخُطى واثقة نحو مستقبل مشرق بإذن الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة