كمال حبيب

مهلا.. لا تسرعوا بدق طبول الحرب

الإثنين، 23 فبراير 2015 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان لتنظيم القاعدة استراتيجية طويلة من بينها جر أمريكا إلى الحرب حيث تريد القاعدة، ووفق استراتيجيات القاعدة المكتوبة فإن أحداث 11/9 كانت جزءًا من مخطط استدراج أمريكا إلى حروب خارجية تدمر اقتصادها وتقتل شبابها وجنودها، وتسىء إلى القيم الأمريكية التى تقدم نفسها للعالم بحسبانها دولة الحريات التى تحترم حقوق الإنسان.

وكان للقاعدة ما أرادت، انطلقت القوة الغاشمة للمحافظين الجدد وللأصوليين الإنجيليين مندفعة نحو ما أطلقت عليه وقتها «الحرب الاستباقية» والحرب على الإرهاب، فضربت السودان وأفغانستان التى خاضت فيها أطول حروبها على الإطلاق ولا تزال بعد لم تتخلص من أوحالها، وأسقطت حكومة طالبان هناك، ومع الضغوط الأمريكية العسكرية على أفغانستان، وانفتاح شهية الحرب والعسكرة ومحاربة الإرهاب، قرر هؤلاء المتعطشون للدماء فى أمريكا غزو العراق عام 2003، كانت الحرب فى أفغانستان قد أضعفت تنظيم القاعدة جدا، وجعلت طالبان تترك المدن، بيد أن غزو العراق هو الذى فتح نافذة الأمل للجيل الثانى من الجهاديين وهو جيل أبى مصعب الزرقاوى الذى تحرك بأعضاء معسكره فى أفغانستان عبر إيران والمناطق الكردية التى كانت تسيطر عليها جماعة أنصار الإسلام ووصل للعراق يوم احتلالها، وقاد جهادا ضد أمريكا التى تحارب الإسلام وتعتبر الإسلام عدوا بديلا وتطبق نظرياتها عن صدام الحضارات.
فى أتون فيتنام الجديدة التى أعدتها القاعدة للولايات المتحدة الأمريكية نشأ تنظيم داعش الأكثر تطرفا من القاعدة، وتهيأت الأسباب لظهور نزوع طائفى دموى لدى هذا الجيل الذى أصبح القتل والعدم والخراب والوحشية مفردات لوجوده، تزلزلت الأسس الاجتماعية والسياسية والثقافية والمعنوية والأخلاقية بقوة بعد إعلان أمريكا احتلال عاصمة العباسيين وإعلان حل الجيش والدولة مرة واحدة، وحين يسقط نظام قديم فإن الفوضى تنفتح على مصراعيها لتظهر وحشية قوى التطرف المجرمة التى تندفع لمزيد من الوحشية ونقصد بها هنا أمريكا الغازية الدموية والتنظيمات الشيعية التى نشأت تحت رعايتها ورعاية إيران وتلك التنظيمات القاعدية التى جررت أمريكا إلى مستنقع وحشى انتهى بهزيمتها هناك وصعود داعش والدولة الإسلامية فى العراق.

وفى أتون سوريا الخطير الذى قاد إليه سوء تقدير الإدارة الأمريكية الحالية، ظهر تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» وتنظيمات جبهة النصرة، وخراسان، وغيرها من مئات التنظيمات المتطرفة التى تتبنى التوحش كأيديولوجية فى إدارة صراعاتها.

انتقل «داعش» لليبيا المجاورة لنا وتمدد هناك، مع غياب للدولة، وتحرش التنظيم ببلادنا وخطف أبناءنا وقتلهم بشكل بشع ومتوحش، وقمنا بالرد عليهم فورا بضرباتنا الجوية، لكنه من وراء ذلك فعل السياسة، فمع طلعات الطيران تود الجماهير أن تخوض حروبا لتشبع استعلاءها الوطنى والقومى، بيد أن القادة يقدرون أن الحرب هى السياسة بوسائل أخرى، لكنها لا تنفى السياسة، ومن السياسة ألا نتسرع بالدعوة لتدخل أجنبى فى ليبيا، لأن مشاريع التدخل الأجنبى ستكون خطرا على أمتنا العربية ولن تحل المشكلة، وتجارب التدخل الأجنبى كلها أثبتت فشلها، وليس من السياسة أيضا أن ندق طبول الحرب، فهى تبدأ جزعة ثم لا تلبث أن تخبو وتكون خرابا ودمارا، لدينا مصريون فى ليبيا علينا أن نكون منشغلين أولا بسلامتهم، وتأمينهم، وحمايتهم، والتواصل مع كل الأطراف من غير الملوثة أيديهم بالدماء لتأمينهم، لا نريد أن ندق طبول الحرب ونندفع لنجد أنفسنا وقد تم أخذنا إلى حيث يريد ذلك التنظيم الخبيث.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة