لم يذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الكاتدرائية لتقديم واجب العزاء للبابا تاوضروس فى شهداء مذبحة داعش، إلا بعد أن أخذ بالثأر وأوفى بوعده حين قال: «لن ننام إلا بعد أن نأخذ الثأر» والرسالة التى يريد توصيلها للجميع هى أن شهداءنا مصريون قبل أن يكونوا أقباطا، فالإرهاب ليس له دين ولا وطن، ويستهدف المسلم مثل المسيحى، فالقضية ليست طائفية، وذبحوا لأنهم مصريون، ومست خناجرهم القذرة رقاب 90 مليون مصرى، عاشوا ليلة سوداء، ولم تهدأ نفوسهم إلا مع أنباء الغارات الجوية على معسكرات داعش ومخازن تسليحه، ليعرفوا أن لمصر درعا وسيفا، وأنهم فتحوا على أنفسهم بوابة جهنم، وأن المصريين جميعا يصبحون روحا واحدة فى جسد واحد فى أوقات الأزمات والشدائد.
ترسخت الثقة أكثر وأكثر بين الرئيس والمصريين، فهو واحد منهم ويشعر بالغضب والحزن مثلهم، ولم يتأخر لحظة واحدة فى تلبية رغبتهم فى الثأر والانتقام، لأن خناجر الغدر والخسة والندالة نالت مصر كلها، وكان ضروريا أن ترد الصاع صاعين، وأن تعلى شأن الكرامة الوطنية، وتزيل أثار الشعور بالحزن والوجيعة، واحتشد المسلمون بجانب أخواتهم الأقباط أمام الكاتدرائية يرفعون علم مصر، ويهتفون للرئيس والجيش ويقدمون له تفويضا جديدا لاستكمال الحرب المقدسة ضد الإرهاب، حتى يبرأ الوطن منهم، وتعود مصر بلد الأمن والطمأنينة والهدوء والاستقرار.
مسحت زيارة الرئيس للكاتدرائية الدموع والأحزان، وتأكدوا أنهم أحسنوا الاختيار حين احتشدوا وراء الرئيس فى 30 يونيو، وسلموه مع أخوتهم المسلمين زمام حكم البلاد، واثقين من قدرته على حماية الوطن والزود عن أراضيه، وإعلاء كرامة مواطنيه فى السماء، فقد مضى عصر الشعور بالاضطهاد وأن الدولة لا تحميهم، وأثبتت مواقف السيسى الوطنية أنه رئيس لكل المصريين، على قاعدة المواطنة والمساوة العادلة فى الحقوق والواجبات، وأن جيش مصر هو الدرع والسيف الذى يحميهم جميعا ويدرئ الخطر عنهم.
لقد مضت بغير رجعة نغمة الاستقواء بأمريكا، وحل محلها قوة الاحتماء بمصر، فقد كانت أمريكا تتاجر بمشاعرهم وتستثمر معاناتهم فى عهود سابقة، ليس من أجلهم ولكن من أجل النيل بمصر والكيد لها وابتزازها والضغط عليها، وتأكدوا بالدليل القاطع أن قلب أمريكا من حجر ومشاعرها متبلدة، حين تركت المسيحيين فى العراق وسوريا، تحرق كنائسهم وتنهب أموالهم وتغتصب نساؤهم ويهجرون قسريا، ووقفت تتفرج عليهم وتتسلى بكوارثهم، وتقدم للتنظيمات الإرهابية الدعم المادى واللوجيستى سر وعلنا، فأين أمريكا منشدة أوبريتات حقوق الإنسان، والباكية على اضطهاد الأقليات، والمحرضة على الفوضى الخلاقة وجنة الديقراطية، وأين أوباما الرئيس الأسوأ فى تاريخ البيت الأبيض، ولماذا يتسلح بالصمت والخطب التافهة، فى مواجهة جرائم بربرية تعيد البشرية للعصور السحيقة.
أيها الإخوة الأقباط، ليسوا شهداءكم فقط بل شهداء مصر كلها، بكينا دما مثلكم، وشهداؤنا تمتزج دماؤهم مع دمائكم فداء لمصر وثراها الغالى فى الحرب ضد الإرهاب، قنابلهم لا تختار وخناجرهم لا تنتقى وأنتم عندهم صليبيون ونحن كفارا، نعيش معا فى السراء والضراء وعلى الحلوة والمرة، متشابهون فى الملامح والعادات والتقاليد، بعضنا يذهب إلى المساجد وبعضنا يذهب إلى الكنائس، ونهنئ بعضا فى أعيادنا ومناسباتنا، ويربطنا «حبل سرى واحد» هو مصر بنيلها وسمائها وثراها، فلا تحزنوا ولا تغضبوا، لمصر جيش له درع يحميها وسيف يقطع ذراع من يمس أبناءها بسوء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة