لا تُعانى مصر نقصًا بالأحزاب فهناك نحو 140 حزبًا بين مؤسسٍ وتحت التأسيس، والقائمة منها حوالى 88 حزبًا، غير أنى أناقش إشكالية حزب الرئيس ليُشكّل ظهيره السياسى، لكنه حسم الأمر خلال زيارته لبكين حينما سأله قادة الحزب الشيوعى الصينى: لماذا لا يكون لديه حزب سياسى؟ فأجاب: بأن «الفترة الحالية حرجة، وتأسيس حزب للرئيس سيشق وحدة المصريين، ويعمق انقسام المجتمع»، وبهذا فتحت أبواب المزايدات على مصراعيها كزعم البعض بأن الشعب بأسره «حزب الرئيس», الأمر الذى يصطدم بأبسط قواعد الديمقراطية، فحين يفوز رئيس أميركى أو أوروبى بمنصبه يصبح رئيسًا لشعبه بشتى مشاربه، دون الحيلولة عن انتمائه لحزب.
وفضلاً عن أن «حزب الرئيس» سيوفر آلية جماهيرية للتواصل مع المواطنين، والحشد والتعبئة لمساندة سياساته، وتقديم النصائح والمقترحات، ومختبرًا لتفريخ وتأهيل الكوادر السياسية، فإنه أيضًا سيكفل استمرار نهج الرئيس بعد انتهاء فترة حكمه، كما سيُعيد هيكلة أحزاب المعارضة بأسس جدّية، ليُنهى «حالة التشرذم» الراهنة فبرامج معظم الأحزاب القائمة تكاد تكون متشابهة وربما متطابقة، وحال تأسيس «حزب الرئيس» سيجدون أنفسهم مضطرين للائتلاف لبلورة «كيان سياسى» بوسعه المنافسة، وتمهيد الطريق للتداول السلمى للسلطة حتى تنضج التجربة، فلا نتراجع لتراث «أحزاب الدولة» منذ 1952 سواء بالعودة للكيان الأوحد كالاتحاد الاشتراكى، أو «الأحزاب الورقية» بحالها الراهن.
لا أتوقع اهتمام المسؤولين بمجرد مناقشة اقتراحى، لكنى أسجله للتاريخ، فسيأتى يوم قريب تواجه السلطة والنخبة السياسية هذا الاستحقاق، فالإخوان وأذنابهم أطيح بهم خارج المعادلة السياسية لانزلاقهم للعنف، بينما استعرت صراعات «البيت الواحد» بفجاجة خلال الانتخابات البرلمانية الحالية، فغالبية المرشحين والتحالفات تؤيد مسار «الجمهورية الجديدة», ورغم ذلك تصاعدت المزايدات وتبادل الاتهامات، لتتحول لمهاترات مُبتذلة، ستُفرز بالنهاية برلمانًا محاصرًا بعوار دستورى وألغام سياسية، تُفضى لحلّه خلال عام واحد بالأكثر.
علينا الاعتراف بشجاعة بخطورة التحديات، والتى تتصدرها ترسيخ دعائم «الجمهورية الجديدة» كالمكاشفة والشفافية واحترام الرأى العام بآليات ديمقراطية، وتدشين قواعد محددة وواضحة تحترم القانون، بدءًا بمؤسسات الدولة، وصولا لصيغة تُمهد الطريق للتوافق المجتمعى، وتفعيل المواطنة بكل القوانين والسياسات.
والمعلوم بالضرورة أن أعمدة الدولة المدنية تتمثل بالتعددية الحزبية واستبعاد التنظيمات ذات المرجعيات الدينية لأنها تهدد المجتمع، وترسيخ «دولة القانون»، أخذًا بالاعتبار منظومة «العدالة الاجتماعية» بالتوزيع المتوازن للثروة والسلطات، والالتزام بالواجبات والاستحقاقات التى حددها الدستور، بالتوازى مع حزمة «إجراءات احترازية» لحماية أمننا القومى بشتى أبعاده، كحجر الزاوية لهيبة الدولة واستقرارها وتجاوز أزماتها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة