إننا نعيش الآن فى فترات صعبة، وأصبح الموت فى حياة المصريين ليس موت الجسد فقط وصعود الروح إلى بارئها، ولكننا نشاهد معه موت النفوس والضمائر فمن يصاب بالرصاص ويموت أو أيا كان سبب موته تعددت الأسباب والموت واحد، أنه فى راحة الآن.. أما هذه الحالة التى تتصدر المشهد الآن فالموت فيها ليس بالطلقات فقط لكنها طلقات تقتل الأمل والمستقبل، القليل يتحدث عن التنمية والقليل أيضًا يتحدث عن العمل أننا نحن المصريين الأقل فى عدد ساعات العمل مقارنة بمن حولنا، ومع ذلك نريد أن نتقدم.. كيف؟ الله أعلم.
فجأة تحولنا جميعا إلى محللين وناقدين وأحيانا قضاة ومحققين.
إن الشعوب العربية هم أكثر الشعوب استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعى ويجدون لها الوقت والطاقة ويوفرون جهدهم ليدخلوا فى مبارزات عنيفة على صفحاتهم كفيلة بالقتل المعنوى، وكما ذكرتها فى مقال سابق نحن أيضًا لدينا براعة فى نشر غسيلنا السيئ، وأنا بالطبع لست ضد النقد، ولكن أنا بالطبع مع النقد البناء، الذى نقدم معه الحلول وبكل أسف أصبح البعض منا يبحث عن الفضائح وينشرها لم ينظر لشىء حوله لم ير إلا نفسه أنه مرض الشهرة يا حضرات والبقاء دائمًا تحت دائرة الضوء حتى ولو كان من مبدأ خالف تعرف، لقد أصبح بالفعل مبدأ لدى الكثير فدعونى أذهب معكم فى رحلة صغيرة نتجول فيها داخل الصفحات والشاشات ماذا ترون بحق الله عليكم وحق تلك الأرض التى نعيش عليها؟
طبقا لما يذكره علماء النفس والمتخصصون فى الميديا أننا لدينا إقبال على مشاهدة الفضائح وقراءة الأخبار المأساوية، وهذا زاد بالطبع بعد الثورة وفسره العلماء أنه ربما يرجع السبب إلى حالة القلق والترقب الدائم، التى يعيشها المصريون، وأننا نستعمل الفضائح كنوع من الهروب من مشاكلنا أو لإظهار أنفسنا فعندما يهاجم إعلامى أو صحفى مسؤولا وربما يسبه ويلعنه سوف نجدها تتدوال بيننا بشدة وتحقق أعلى نسب المشاهدة، وسقطات المشاهير ونجوم الفن والفضائح الجنسية والقضايا الساخنة، التى تشعل الرأى، أما الحوارات والأخبار الصادقة والحقائق الخالية من تبادل الاتهامات، والتى قد تخلو من الصوت المرتفع والعبارات الساخرة، فلن تجد لها مشاهدا أو قارئا إلا قليلا، وبالطبع أيضًا نفس الحال ينطبق على الأخبار، التى تتعلق بالرئاسة أو الحكومة إن قاموا بأعمال جيدة وساروا على الطريق المستقيم سوف نجد هذه الأخبار لا تجد إقبالا ولن تجد اهتماما بين وسائل الإعلام المختلفة إلا قلة قليلة، أما إذا حدث العكس فحدث ولا حرج وحتى إن كان مقدار الخطأ كبيرا أو صغيرا فإنها أرض خصبة لعاشقى الفضائح والسخرية لقد تعجبت حين سمعت من إحدى صديقاتى المقيمات فى المملكة العربية السعودية بلد عربى شقيق أنه كان هناك أزمة بوتاجاز وأنها ظلت شهرا كاملا لا تستطيع العثور على أنبوبة هل سمعنا بذلك هل شاهدنا الإعلام السعودى يتبارى فى نشر الأزمة هل غفلوا عنها بالطبع لا، لم يغفلوا وحتى لا يتهمنى البعض أننى أدعو لدفن رؤوسنا فى التراب مثل النعام لقد تناول الإعلام السعودى هذه الأزمة بمنتهى الحرفية والموضوعية والمهنية دون إثارة البلبلة وقفوا على المشكلة مع المواطن اطلعوه عليها بمنتهى الأدب ودون تناول الاتهامات جعلوه مسئولا معهم عن الأزمة وجعلوا الحلول مشتركة بين المواطن والمسئول فتحية لهم وبالطبع لا داعى أن أذكر كيف نتعامل نحن المصريين فى المواقف المشابهة، نبحث عن السبق والانفراد والفضائح مهما كان الثمن من وراء تناول أخبار كاذبة أو فاضحة حتى ولو قمنا معها بتشويه بلادنا وأنفسنا فهذا ثمن بخس بالنسبة للبعض، والعجيب أنى أرى أن أصحاب الألسنة اللاذعة والسليطة أصبح لهم قيمة وسلطة والعجيب أيضًا أن يخشاهم المسئولون.. وعجبى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة