يتخيل بعض المصريين أننا عندما نتحدث عن الحرب الإعلامية وحروب الجيل الرابع، فإننا نزايد فى تخويفهم ونخلق لهم فزاعات ونصدر لهم عدوا وهميا ليظل الحال كما هو بلا تغيير ولا تطوير، وقد التمس لبعض هؤلاء عذرا، وأسير مع من يحملون الإعلام ذنب التقصير فى تبصير الناس بالخطر، فهذا هو الطريق الأسهل، لكنه بالتأكيد ليس الأفضل للبلد، فالواقع أننا فعلا نتعرض لحرب شرسة يجب أن نصارح الناس بها ليعرفوا تفاصيلها وعناصرها ومخاطرها على البلد كلها وليس على أشخاص بعينهم.
وكى نفهم حقيقة هذه الحرب فلابد أن نعرف مثلا أن الدول الكبرى التى تريد أن تسيطر على العالم الآن لم تعد تهتم برصد ميزانيات ضخمة لصناعة الأسلحة والذخائر، وإنما خفضت هذه الميزانيات بعدما اكتشفت أن الحرب الإعلامية أقل تكلفة وأكثر تأثيرا وأسرع تدميرا من الحرب العسكرية، فما الداعى لإنفاق مئات المليارات على الأسلحة بينما فى إمكانهم أن يدمروا دولة كاملة من خلال الإعلام، وبتكلفة أقل بكثير ماديا وفى الأرواح أيضا.
هذا هو الواقع الذى نعيشه، حروب قذرة تدار من الشاشات وعلى صفحات الصحف والمواقع، وأظن أننا لو تتبعنا كثيرا من الصحف ووسائل الإعلام بل والكتاب الغربيين سنكتشف أن نسبة كبيرة منهم شركاء فى هذه الحرب، مرتزقة يعملون بمقابل، وسنتأكد أن كثيرا من وسائل الإعلام الغربية تتحرك وفقا للمصالح، بل وأن هناك علاقات متينة وقوية تربط بين أغلب وسائل الإعلام الغربى الذى يدعى الحياد وبين أجهزة مخابرات الدول الكبرى التى أحيانا تملى عليهم سياستهم التحريرية تجاه دولة بعينها وتمدهم بالمواد التى يديرون بها حملاتهم، بل وفى بعض الصور التى أصبحت طبيعية تتعاقد أجهزة مخابرات مع شركات علاقات عامة لتدير لها حملة لضرب دولة إعلاميا من خلال تشويه نظامها وتفتيت قوتها، وكأنها حملات انتخابية، وهناك صحف وكتاب ومذيعون نظنهم محايدين ولديهم مصداقية وهم فى الحقيقة يعملون ضمن حملات تديرها هذه الشركات، يقبضون مقابل عملهم لهدم دول كاملة من خلال برامجهم وصحفهم الدولية واسعة الانتشار والتأثير، وللأسف نحن نتلقف ما يكتبونه أو يقولونه فى منابرهم الإعلامية الأمريكية أو البريطانية على أنه محايد ومهنى، والحقيقة أننا نساهم فى المؤامرة دون أن نشعر، والبعض يساهم فيها بعلم وتعمد ومشاركة، هذا هو ما يحدث مع مصر الآن وتتسارع وتيرته قبل 25 يناير، خطة ممنهجة ومدفوعة لوسائل إعلام لضرب مصر، والوسيلة التى اختاروها تفكيك الكتلة الصلبة المتماسكة منذ ثورة يونيو وتفتيت المجتمع من خلال بث الشائعات والأخبار الكاذبة واستغلال بعض الأزمات لتضخيمها، واللعب على غضب بعض الفئات، وتصيد تجاوزات فردية لإشعال الشارع، وكل هذا يحدث حرفيا بمشاركة وتنسيق بين الإعلام والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعى، كتابات وبوستات وبرامج تدعى الحزن لحال البلد وتراجع الحريات وتنتقد الحكومة والرئيس بدعوى أنه خان العهد ولم يف بما التزم به ولم يحقق طموحات المصريين، ويروجون أرقاما مرعبة عن الفساد وينسجون قصصا كاذبة عن عودة نظام قديم، وتصاحب ذلك دعوات نزول وشعارات تغيير، والحقيقة أن السيسى وإن كان هو المستهدف من كل هذا ظاهريا، لكنه ليس الغاية الحقيقية لهذه الحملة، فالغاية والهدف النهائى هى مصر، لكنها لعبة خبثاء، فهم يعلمون أن إسقاط مصر يبدأ بإسقاط هذا الرئيس وإفقاده شرعيته وشعبيته من خلال تفريغ الناس من حوله بكل السبل، وبالتالى القضاء على كل ما تم خلال العامين الماضيين والقضاء على مكتسبات ثورة شعب.
المطلوب أن نفيق من الغفلة وندرك أن الخطر على بلدنا الآن يزداد، واللعب يستهدف الشخصية التى أجمعنا عليها والتف الشعب حولها لضرب مصر فى مقتل، بالتأكيد هناك أخطاء لا يمكن إنكارها، وخاصة من الحكومة، لكن هذه الأخطاء لا تعنى أبدا أن ننسى ما تحقق ونستسلم لهذه الحملات التأمرية ونتنازل عن مكاسب ثلاثين شهرا عقب ثورة شعب قادها وتحمل مخاطرها هذا الرجل وكل الجيش المصرى كتفا بكتف مع الشعب.
على الجميع أن يلتفتوا للخطر، وأن يكفوا عن شخصنة الانحيازات، والرئيس نفسه أعلن أنه فداء هذا البلد، فلابد أن ندرك جميعا أن خلافاتنا بسبب من ينتمون للرئيس ومن يعارضونه أو حتى يرفضونه هى الآن وقود النار التى يلعب عليها المتأمرون لإشعال مصر، والأفضل أن نتفق جميعا على مصلحة البلد وألا ستسقط الكارثة على رؤوسنا جميعا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة