لا بديل أمامنا غير القضاء على المرض وبسرعة
واحدة من خطايا مبارك ونظامه، الإهمال الطبى وغياب الرعاية الصحية السليمة، التى أدت إلى إصابة المصريين بالعديد من الأمراض المزمنة، وأمراض سوء التغذية مثل الفيروسات الكبدية والقزامة والأنيميا، وبلغ عدد المصابين بالفيروسات الكبدية ما يزيد عن 9 ملايين رجل وامرأة خرجوا من سوق العمل، وتم منعهم من السفر للعمل فى الخارج، وباتوا عبئا على الاقتصاد الوطنى، فضلا عن السمعة الدولية السيئة التى اكتسبناها، باعتبارنا الدولة رقم واحد فى العالم فى نسبة الإصابة بالمرض. بعد 30 يونيو التفتت الدولة إلى مخاطر الصمت على انتشار الإصابة بالفيروسات الكبدية، خاصة فيروس سى الأكثر انتشارا، وبحثت عن أفضل الأدوية وأحدثها فى العالم، بدلا من الاكتفاء بالعلاج بالإنترفيرون كعلاج وحيد لجميع أنواع الإصابات، وكذلك ضربت على أيدى المغامرين والأفاقين الذين حاولوا استغلال ظروف البلد وانتشار المرض للترويج لاختراعات وهمية تشفى المصابين.
كان التكليف بأن تبحث وزارة الصحة ولجنة مكافحة الفيروسات الكبدية عن أحدث العلاجات وأقواها، والسعى للحصول على حقوق تصنيعها فى مصر لمواجهة المرض، أسوة بجنوب أفريقيا والهند، وبالفعل حدث ذلك مع التوصل لعلاج سوفالدى الحديث الذى حقق نتيجة تقارب السبعين بالمائة فى القضاء على الفيروس، كما سعت اللجنة لتنويع بروتوكولات العلاج كلما تم اكتشاف دواء جديد مثل الدكلانزا والأوليسيو وهارفونى، سواء كان يتم صرفه مع السوفالدى أو يعالج المرض منفردا مثل هارفونى.
على مدى العامين الماضيين تراجعت أعداد المصابين بالفيروسات الكبدية، نعم، ولا يمكن إنكار الجهد الذى تبذله وزارة الصحة فى مواجهة المرض، لكن هل هو الجهد المطلوب؟ وهل هو المستوى المأمول من الأداء فى معركة حياة أو موت للمصريين؟
الإجابة ما زالت بالنفى، لأن الإجراءات التى على المريض أن ينهيها لإثبات أنه يستحق العلاج، طويلة ومرهقة، وما زالت هناك نظرة بيروقراطية للمرضى وتصنيفهم، هل يستحق العلاج على نفقة الدولة، أم ضمن قطاع التأمين الصحى، أم أنه من القادرين وعليه تحمل كل نفقات العلاج والتحاليل؟ فضلا عن نقص الجرعات الموجودة من الأدوية والعلاجات التى تجعل الوزارة واللجنة المعنية ترتب المستحقين للعلاج بحسب خطورة الحالة، الأمر الذى يتسبب فى تراجع حالة مئات الآلاف من المصابين بالفيروس.
وعندما تسأل المسؤولين فى اللجنة المعنية بمواجهة المرض، يتحججون بأن الميزانية المخصصة لمواجهة المرض محدودة، وأن زيادتها أمر لازم حتى نستطيع الوفاء باحتياجات المصابين بالمرض من العلاجات، وهنا النقطة التى نريد التأكيد عليها.
الدولة تخصص نصف مليار جنيه فقط لمواجهة المرض، ووزارة الصحة واللجنة المعنية تقبلان بالأمر الواقع، ولا تعرضان حلولا ثورية للقضاء على المرض نهائيا فى مصر خلال زمن محدد وبتكاليف محددة، ولتكن خمسة مليارات جنيه مثلا، وبالتالى ليس لدينا خطة طموحة وفاعلة للتعامل مع المرض كما يجب.
منطق التعامل لمواجهة هذا المرض يحتاج إلى تغيير، ومنطق تصنيف المرضى، وفق درجة احتياجهم للعلاج، يحتاج إلى النسف، ولا بد أن يكون لدينا مشروع علاجى موحد لكل المصابين بالمرض وفى أسرع وقت لإعلان مصر خالية من فيروس سى، فالهدف عزيز ويتعلق بمساعدة ملايين المصريين على الشفاء، والمردود شديد الإيجابية على كل المستويات، فهو يخفف الحمل على الموازنة، ويعيد الملايين إلى سوق العمل، فضلا عن مسح الصفة السيئة الملازمة لمصر باعتبارها الدولة الأولى الموبوءة بالمرض. صدقونى الأمر يستحق معركة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة