السلطة التشريعية هى السلطة الشعبية الأهم، فهى التى تقوم بتشريع القوانين للسلطة القضائية، وهى أيضا التى تقوم برقابة، بل بمحاسبة السلطة التنفيذية، حيث يمكنها دستورياً سحب الثقة من هذه السلطة.
كما أن مبدأ الفصل بين السلطات لا يقلل البتة من السلطة التشريعية لصالح أى سلطة خاصة التنفيذية منها. وأركز هنا على السلطة التنفيذية حيث إنها تعنى الحكومة ورئيسها وكل مؤسسات الدولة، وما يطلق عليه بـ«الدولة العميقة»، وما تحتويه من مراكز سيادية كالجيش والشرطة، إضافة إلى رئيس الجمهورية.
ومن المعروف تاريخياً وواقعياً أن السلطة التنفيذية دائماً ما تمتلك قدرة السيطرة على غيرها من سلطات، لذا فتقييم أى نظام بديمقراطيته أو شموليته وديكتاتوريته السلطوية يتم أساساً من خلال قدرة البرلمان كسلطة شعبية على مراقبة ومحاسبة الحكومة عند اللزوم، كما أن الدولة بتعريفها السياسى والعلمى غير النظام.
ومن الطبيعى أن يحافظ الجميع على كيان الدولة بمفهومها التاريخى والحضارى والمادى والحفاظ على هوية هذه الدولة التى شكلها المصريون عبر تراكم آلاف السنين. ولا أحد يختلف مع الدولة غير الذين يريدون هدمها وإسقاطها، لأنهم لا يؤمنون ولا ينتمون لهذه الدولة، بل لهم أفكارهم وخيالاتهم المريضة التى يصرون على التخندق بداخلها، مسقطين الواقع ومتجاهلين الزمن، رافضين للتقدم.
أما النظام إذا كان رأسمالياً أو اشتراكياً والحكومة ببرامجها وأعمالها والرئيس برؤيته السياسية، فهذه أشياء يمكن الخلاف حولها، بل من الطبيعى أن يكون هناك خلاف على تلك الممارسات، وهنا يكون دور المعارضة التى يمكن أن نطلق عليها بالوطنية تمييزاً عمن يدعون المعارضة وهم يريدون هدم الدولة. والمعارضة الوطنية هى الضوء الذى ينير الطريق للنظام والحكومة.
كما أن الاصطفاف الوطنى نحو الأهداف الاستراتيجية، خاصة فى ظل ظروف مثل التى يمر بها الوطن من تحديات خطيرة على كل المستويات تهدد سلامته، فهذا واجب، ولكنه غير المعارضة والاختلاف حول البرامج والقرارات، ذلك الاختلاف الذى يثرى العمل، ويحدد النتائج لصالح الجماهير.
وعلى ذلك نستغرب كل الاستغراب من الذى يحدث من الذين يتصدون لتشكيل ما يسمى بتحالف دعم الدولة المصرية، بالرغم من أن الجميع طبيعياً أن يدعم الدولة حتى الذين لم ينضموا إلى هذا التحالف.
ولكن الأدهى أن هؤلاء يزايدون فيما بينهم على تسليم البرلمان للحكومة بالمفتاح، بل يعتبرون أن المعارضة لا مكان لها الآن.
فهل سلوك هؤلاء تصرف ذاتى نابع من نوع من مجاملة فى غير موضعها؟ وهل ما يتم نتيجة لأوامر أمنية مثلما أعلن من بعض المنتمين لذلك التحالف لتكوين أغلبية مصنعة لغياب حزب الأغلبية، وحتى يتم ضمان انتخاب رئيس للبرلمان لما لهذا المنصب من أهمية وحساسية، وأيضاً لحسم الجدل حول مواقف وقوانين تمثل أهمية للجميع؟ مع أن الأغلبية الحقيقية للمستقلين ولنواب الأحزاب الذين لا علاقة لهم بها هذه الأغلبية عملياً مع الحكومة، لأنها لا تريد غير مصالحها.
ولذا فهذا وذاك يعنى موت وموات السياسة فى إطارها العملى الديناميكى والذى نحتاجه الآن كل الاحتياج، فالاصطفاف فى مفهوم هذا التحالف حيث تنص الوثيقة التى يوقع عليها المنضمون على التجرد من أى انتماء أو أفكار سياسية، فما معنى هذا غير موت السياسة وقبر البرلمان؟ صحيح من الحب ما قتل!!
عدد الردود 0
بواسطة:
ذ.زكريا المحامي
كاتب كبير
عدد الردود 0
بواسطة:
adil5000@yahoo.com
ديمقراطية تفصيل