وأعلنت الحكومة خلال الفترة الماضية عن عدة بدائل لتوفير العملة الصعبة، تضمنت طرح أراضى للمصريين بالخارج خلال الشهرين المقبلين وتقدر الحصيلة المتوقعة حوالى 2.5 مليار دولار، فضلا عن التفاوض مع البنك الدولى للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الموازنة على مدار الثلاث سنوات المقبلة.
وأوضحت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولى، أن القرض الذى تتفاوض عليه مصر مع البنك الدولى "ميسر" لدرجة تصل لاعتباره "منحة"، إذ يصل سعر الفائدة أقل من 2%، وفترة سماح إلى 35 عاما، لافتة إلى أن مصر ستحصل على القرض على مدار الثلاث سنوات، بمعدل مليار دولار كل عام.
مخاوف من إجراءات تقشفية تثير غضب الشارع المصرى
وفى هذا السياق، رجح هانى جنينة، رئيس قسم البحوث فى بنك فاروس للاستثمار، أن الحكومة المصرية قد لا تميل إلى الاقتراض من صندوق النقد فى المرحلة الحالية لصعوبة الإجراءات التقشفية التى تفرضها المؤسسة الدولية والتى ربما تثير غضب الجماهير فى المرحلة الحالية.
وأكد جنينة فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن الحصول على قرض من البنك الدولى يساهم فى دعم الاحتياطى الأجنبى الذى فقد أكثر من 50% من قيمته منذ ثورة يناير، مقابل فائدة منخفضة مقارنة بطرح السندات الدولية.
وأرجأت مصر إصدارها الثانى من السندات الدولية، الذى كان من المقرر طرحه فى نوفمبر الجارى، المر الذى عزاه وزير المالية هانى قدرى دميان إلى "بعض الاهتزازات كتوابع لاهتزازات داخل أسواق المال فى الصين كان لها تأثير سلبى على السيولة بشكل عام فى الأسواق العالمية وبوجه خاص على المستثمرين الذين لديهم رغبة لتوجيه الاستثمار فى الأسواق الناشئة، فوجدنا أن من الأصلح أن نرجئ توجهنا للإصدار."
وأشار جنينة إلى أن الحكومة شرعت فى تنفيذ بعض الإجراءات التى تمهد لتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتخفيض الجنيه أمام الدولار، بهدف حماية الفقراء ومحدودى الدخل من ارتفاع الأسعار والضغوط التضخمية المتوقعة، ومن بين تلك الإجراءات حظر بعض الواردات من السلع الرفاهية التى تعرف بـ"الاستفزازية" وبعض السلع التى لها بديل محلى.
السندات الدولية تتميز بعدم وجود شروط لكن فوائدها مرتفعة
من جانبه، أكد الدكتور عمرو حسنين، رئيس شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى "ميرس"، أن السندات الدولية تتميز بعدم وجود شروط مقابل الحصول عليها، لكن نسبة الفائدة عليها تزيد عن قروض البنك الدولى وصندوق النقد بمعدل لا يقل عن 3 إلى 4%.
وأشار "حسنين" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إلى أنه يفضل أن تلجأ الحكومة إلى التفاوض مع دول الخليج لتدبير العملة الصعبة خلال المرحلة المقبلة، مشددا على أنه لا يجب أن نعول على تعافى إيرادات السياحة على المدى القصير فى ظل ما أطلق عليه "الحملة الشعواء" من بعض وسائل الإعلام الغربى من استهداف داعش للطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء السبت الماضى.
ورحب رئيس "ميرس" للتصنيف الائتمانى باتجاه الحكومة للسيطرة على الغلاء وضبط الأسعار فى السوق المحلى، وتوفير السلع بالمجمعات الاستهلاكية لحماية محدودى الدخل من تراجع القوة الشرائية للجنيه المصرى، مؤكدا أن تلك الإجراءات تمهد للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد فى حال أعلنت الحكومة رغبتها فى ذلك، لأن إنشاء شبكات الضمان الاجتماعى من أهم مطالب الصندوق لضمان التزام الدولة المقترضة بالسداد.
إشادة صندوق النقد بالاقتصاد المصرى تمهد الطريق لاتفاق
وتوقع صندوق النقد الدولى انخفاض عجز الموازنة فى مصر إلى 9.4% فى العام المالى (2015-2016)، مقابل عجز قدره 11.5% فى العام المالى الماضى، مؤكدا فى الوقت ذاته أن مسـتوى الاحتياطات النقدية الدولية متدنية فى مصـر، ممـا يؤثـر سـلبا علـى الثقـة فى قدرة الاقتصاد.
ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى سدة الحكم فى يوليو 2014، التزمت الحكومة المصرية بتطبيق خطة واضحة للإصلاح الاقتصادى بتقليص عجز الموازنة بخفض دعم الطاقة وتحرير قطاع الكهرباء والتوجه لفرض ضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات علاوة على بعض إصلاحات ضريبية أخرى.
ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين هذا الالتزام غير المشروط باتفاق مع أحد الجهات المانحة خطوات استباقية لطلب القرض، خاصة بعد إشادة بعثة صندوق النقد بنجاح الحكومة فى خفض عجز الموازنة الأساسى رغم تراجع المنح الأجنبية.
تلك الإشادة كانت بمثابة رسالة قوية مفادها رضا الصندوق نسبيا عن أداء الحكومة وهو ما يمهد للوصول إلى اتفاق ناجح إذا ما أعلنت القاهرة عن رغبتها الجدية فى الاقتراض. وتوقع "صندوق النقد" تسارع نمو الاقتصاد فى مصر ليبلغ 4.5 فى 2015، مما يعكس تعافى الاستثمار فى مصر، مؤكدا أن نجاح إصدارات السندات الدولية لمصر يعكس تحسن الثقة.
تكهنات بطلب القرض بعد انعقاد البرلمان
ويرى رئيس "ميرس" أن القاهرة قد تسعى للحصول على قرض صندوق النقد بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية مطلع ديسمبر المقبل، لأن انتخاب البرلمان يعنى أنه ستتم مناقشة الأمر وحسمه بموافقة ممثلى الشعب المصرى وبالتالى يمكن إرسال خطاب نوايا للصندوق الذى يعنيه وجود سلطة تمثل الشعب فى تمرير أو رفض قرارات الحكومة، بما يضمن له التزام الدولة بالسداد.
ونفى السفير أيمن القفاص مساعد وزير المالية للعلاقات الدولية والمتحدث الرسمى باسم الوزارة فى بيان رسمى أمس الأربعاء توجه الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولى، مؤكدا أن مثل هذه الأنباء التى تفتقر إلى الصحة والدقة من شأنها إحداث نوعا من البلبلة قد يؤثر بالسلب على الاقتصاد ومسيرة التنمية التى تنتهجها الحكومة بالإضافة إلى حدوث ضرر بالغ على علاقة الحكومة المصرية وتعاونها مع المؤسسات الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة