روبرت فيسك: كاميرون يتفوق على "بلير" فى فنّ التضليل

الإثنين، 30 نوفمبر 2015 08:40 ص
روبرت فيسك: كاميرون يتفوق على "بلير" فى فنّ التضليل كاميرون
لندن (أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اخبار المانيا



قال الكاتب البريطانى روبرت فيسك أنه منذ أن أمر هتلر النازى قائد جيشه الثانى عشر الجنرال فالتر فينك بإرسال قواته "غير الموجودة" لإنقاذه من الجيش الأحمر فى ألمانيا، لم يوجد قائد أوروبى اعتقد فى أوهام عسكرية كما فعل ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الأسبوع الماضى.

وأضاف فيسك- فى مقال نشرته (الإندبندنت)- أن التحدث أمام مجلس العموم عن 70 ألف مقاتل معتدل منتشرين فى سوريا لم يكن مجرد كذب على المنوال الذى غزل عليه تونى بلير كذبه من قبل؛ ذلك أن الأخير كان قد أقنع نفسه بتصديق ضلالاته، لكن ما يفعله كاميرون الآن هو شيء يقترب من كونه مسرحية هزلية، سخرية غريبة، شيء بشع، مثير للضحك... شيء يقترب من أن يكون شكلا فريدا من التمثيل الصامت التراجيدى.

وعلق فيسك على إشارة كاميرون الأسبوع الماضى إلى هذا الجيش الوهمى كـ "قوات برية"، قائلا إننى أشكك فى وجود 700 معتدل نشط من جنود المشاة فى سوريا- وأنا بذلك فى قمة الكرم- ذلك أن الرقم قد يقارب الـ 70 فقط، ناهيك عن أن يكون 70 ألفا، كما أن الأكراد السوريين لن يقاتلوا داعش من أجلنا؛ فهم مشغولون بمحاولة البقاء على قيد الوجود تحت قصف حلفائنا الأتراك لهم. . إضافة إلى ذلك، أليس المقصود بصفة الـ "معتدلين" أناسا لم يحملوا السلاح من قبل؟ مَن ذا الذى سمع قبل الآن عن "معتدل" يحمل الكلاشينكوف؟

وأكد فيسك أن الجيش السورى النظامى- الذى هو بالفعل واقف على الأرض، ولم يقلق أبدا من المعارضة "المعتدلة" لأنها دائما ما توّلى الأدبار- هذا الجيش هو القوة النظامية الوحيدة المنتشرة فى سوريا. . وبفضل فلاديمير بوتين وليس ديفيد كاميرون، فإن هذا الجيش بدأ يستعيد الأرض.

وتابع فيسك "ولكن بعد خسارته ما لا يقل عن 60 ألف جندى على أيدى الدواعش وجبهة النصرة، فمن المفترض أن يجد الجيش السورى صعوبة فى صدّ هجوم على دمشق يشنه معتدلو ديفيد كاميرون الـ 70 ألفا.. لو كان هذا الجيش الوهمى موجودا، لكان استولى على دمشق بالفعل وأطاح ببشار الأسد من على كرسى الحكم".

ومضى الكاتب "ولكن فى مجلس العموم الأسبوع الماضى، كان مفترضا علينا الاعتقاد فى هذا السُخْف- من أجل شن غارتين أو ثلاث ضد داعش فى سوريا- ونقل عن كاميرون قوله " أن هذا لن يجعلنا أكثر استهدافا " موضحا فى الواقع نحن بالفعل مستهدفين لأننا نقصف داعش فى العراق، ومع ذلك فإن كاميرون يعلم- ونحن جميعا كذلك- أن تنظيم داعش سيحاول بالتأكيد تنفيذ هجمات فى بريطانيا انتقاما من مغامرة كاميرون الصبيانية. . بعد ذلك، وعلى غرار ما فعل تونى بلير بعد هجمات يوليو 2005، سيصّر كاميرون على أن الدواعش يقتلوننا لأنهم يكرهون "قيمنا".. بعد ذلك سيظهر فيديو حتمى لانتحارى يقول أنه قتل أبرياءنا لأن كاميرون أرسل قواته الجوية الرمزية لقصف داعش".

ورأى فيسك أن الغريب فى ذلك كله أن معظم البريطانيين الذين التقاهم، وكذلك معظم العرب الذين تحدث إليهم فى الشرق الأوسط، يعلمون جيدا بكل ما أشار إليه آنفا، وكذلك حزب العمال. . "لكن الأعضاء فى حزب بلير "العمال" سيصوتون لصالح كاميرون لأنهم وإنْ كانوا يكرهون عقيدة داعش الشريرة، فإنهم يكرهون أكثر عقيدة زعيم حزبهم جيرمى كوربين. . فهل يعتقد هؤلاء أيضا- كما يفترض أن نعتقد جميعا- أن اللجنة المسماة "لجنة الاستخبارات المشتركة" تقول الحقيقة بشأن المعتدلين السبعين ألفا المزعومين؟"
ويقول فيسك " لا، نحن لسنا فى حرب. . يستطيع تنظيم داعش أن يذبح أبرياءنا، لكنه لا يحتلنا؛ داعش لا يوشك أن يستولى على باريس أو لندن- بينما نحن والأمريكان استولينا على بغداد والموصل فى 2003 -. .. لا، إنما يريده تنظيم داعش هو أن يغرينا بتدمير أنفسنا؛ داعش يريد منا أن نكره أقلياتنا المسلمة.. أنه يريد حربا أهلية فى فرنسا بين الصفوة والمسلمين المهمشين، الذين هم فى معظمهم جزائريى الأصل. . أنه يريد أن يكره البلجيكيون مسلميهم، وكذلك أن يكره البريطانيون مسلميهم. . لابد أن داعش قد غضب من ألوف الأوروبيين الطيبين الذين رحبوا بحُبّ بالملايين من اللاجئين المسلمين ممن وصلوا ألمانيا؛ فقد كان يجب على المسلمين الهجرة إلى الخلافة الجديدة وليس الفرار من وجهها. . وعليه فإن تنظيم داعش يتمنى الآن لو يقلبنا على اللاجئين".

ويضيف "وحتى يتسنى له ذلك، يجب على التنظيم أن يورط مئات الآلاف من اللاجئين المسلمين الأبرياء فى عملياته الوحشية. . يجب عليه أن يجبر أممنا الأوروبية على فرض حالات طوارئ، وتعليق الحريات المدنية، ومداهمة منازل المسلمين. . أن تنظيم داعش يتمنى تدمير الاتحاد الأوروبى ذاته. . أنه يضرب فى الصميم من القلب ونحن نحقق له ما يريد. . فهل نحن، فى غمرة فزعنا الذاتى، نعمل لحساب داعش؟ لو أن هذا التنظيم الوحشى لم يُحرّم الكحول، لكان حريا بأعضائه الآن أن يشربوا نخب قادتنا السياسيين الجُوْف المُسفسطين المُصابين بذعر يحاولون الآن حقننا به بينما يطلقون صرخة قديمة خطيرة أن "وحدّوا صفوف الأمة".









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة