عمرو خالد

لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟

الثلاثاء، 03 نوفمبر 2015 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استطاع المسلمون قبل مئات السنين أن يشيدوا حضارة إنسانية عظيمة، كانت ولاتزال مصدر إلهام للبشرية، بعد أن تفوقوا على غيرهم فى مجالات العلوم المختلفة، فبينما كانت أوروبا تغرق فى بحور من التخلف والرجعية، كانت الحضارة الإسلامية فى أوج قوتها وانطلاقها، حين كان المسلمون أوفر علمًا وأغزر إنتاجًا من غيرهم، لم يكونوا كما اليوم عالة على غيرهم، يستوردون كل شىء حتى طعامهم. غير إننا للأسف أصبحنا نعيش على ذكريات الماضى البعيد بعد أن توقفنا عن العطاء والإنتاج، فلم يعد المسلمون الآن كما كان أسلافهم لديهم الاستعداد للعمل وبذل الجهد من أجل تحقيق نهضة كبرى، أو على الأقل أن يكفوا احتياجاتهم الأساسية ولا يمدون يدهم لغيرهم، بعد أن صرنا أمة لا تُنتج ولا تعمل، حتى تراجعنا فى ذيل الأمم التى سبقتنا بعشرات بل مئات السنوات الضوئية. فالإنسان العربى مصاب بمرض خطير اسمه مرض الكسلية، وهو مرض فقدان الشهية للعمل، فلايوجد حافز للعمل، وقد استفحل هذا المرض وانتشر مثل الوباء داخل المجتمعات العربية والتى أصبحت أكثر منطقة فى العالم إصابة به.

فى أحدث دراسة للاتحاد العربى للتنمية الإدارية فى عام 2012 أظهرت أن متوسط إنتاجية الموظف العربى ثمانى عشـرة دقيقة فى اليوم، والسودانى عشـرون دقيقة، والمصرى ثلاثون دقيقة، والجزائرى اثنتان وعشـرون دقيقة. بينما إنتاجية الموظف فى دولة مثل فرنسا ست ساعات ونصف (ضعف إنتاجية العالم العربى)، وألمانيا سبع ساعات (يعنى الألمانى بـ 20 عربيًا) الهند خمس ساعات. كل هذا سبب أساسى للفقر، الذى هو أساس المصائب كلها. بالتأكيد ليس الدين مسؤولًا عن ذلك، لكن كيف تعاملنا مع الأمر من منظور دينى.

يرى بعض الناس أن أصل المشكلة عدم وجود مادة دينية لهذا الموضوع! لا يوجد كتاب واحد ذو مادة دينية خصبة، هناك آلاف الكتب فى العبادات والروحانيات والرقائق، ولكن لا يوجد كتاب واحد غنى بمادة مؤثرة عن العمل، وحتى خُطب الجمعة ودروس المساجد أيضًا لا يُوجد فيها تلك المادة العلمية!!
يرى فريق ثانٍ أن كثيرًا من الأفكار الإسلامية عاشت فكرة المؤامرة على الإسلام، فعندما تطرح السؤال: لماذا نحن متخلفون؟ يأتى الرد: لأن هناك مؤامرة، وهذا المعنى عاش الشباب عليه، وليست هذه الحقيقة، إنما الحقيقة أننا غير منتجين.. إن الكاميرا اليابانية الصنع أصل زجاجها من رمال سيناء، والتليفزيون اليابانى الصنع أصله حديد من أرض الأردن، لكننا نبيع المواد الخام بدولارات معدودة، فتعود إلينا بآلاف الدولارات؛ لأننا كسالى لا نريد أن نعمل. يرى فريق ثالث أن أصل المشكلة هو أننا مبتعدون عن الله، فمن أجل ذلك لا يكرمنا الله، وعندما يصبح عدد من يصلى الفجر مثل عدد من يصلون الجمعة؛ عندها ينتصر الإسلام وتحل مشاكلنا، وهذا خطأ لا أعفى نفسى منه فقد قلت مثل هذا الكلام قبل ذلك، وبالطبع هذا مفهوم غير صحيح، فربنا يقول: «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين»، ثم إننا شعوب متدينة بالفعل، والإيمان جزء من حياتنا؟ إذن ليس هذا هو السبب بالتأكيد.

المشكلة الحقيقية هو أننا أفقدنا الإسلام فعاليته ودوره فى تحريك الحياة، حتى بات المسلمون الأكثر فقرًا فى العالم، فهل هذا من قبيل الصدفة؟!، بالطبع لا تقع المسؤولية على الإسلام، فهو برىء من هذه التهمة، المسؤولية الأساسية تقع على الذين فهموا خطأ أن الدين لا يحفزهم على العمل والإنتاج، وأن العمل ليس قيمة فى الإسلام. وهو ما يتطلب منا إعادة الفاعلية للدين فى إثراء الحياة وتحفيز العمل. من أجل هذا أعدنا قراءة العقيدة الإسلامية من القرآن، ومن سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، من زاوية العمل، لأننا لو استطعنا إخراج مادة غنية من عقيدة الإسلام ومن القرآن والسيرة، لظهرت قيمة العمل، فالعقيدة هى الأساس وهى المحرك الأول للإنسان. فهل من الممكن أن تشكل عقيدة المسلم دافعًا له للعمل عشر ساعات يوميًا بإتقان، كيف ذلك، ما هى الأدوات؟ هل لدينا فكرة قوية فى الدين تحفز الناس للعمل وأى فكرة هذه؟، هذا ما سنجيب عليه فى مقالات لاحقة بإذن الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة