حملات الأمر بالمعروف تعود للشوارع
ماذا يعنى أن يطالب أحد أعضاء ما يسمى بمجلس شورى الدعوة السلفية بحملات للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تجوب الشوارع وتواجه ما أسماه بـ«انتشار المنكرات والجرأة على الباطل وانحسار الالتزام»، جنبا إلى جنب مع عودة مجموعات تربية الشباب على الفكر السلفى فى المساجد والمنازل؟ هل يعد السلفيون أنفسهم قيمون على الدين الإسلامى مثلا وعلى المجتمع؟ وهل يعدون نشر الفكر السلفى بما يحمل بين ثناياه من تطرف وتخلف واتباع للمنهج الوهابى المشوه، حقا مكتسبا لهم فى المجتمع دون رقيب أو حسيب؟!
نعلم أن حزب النور الذراع السياسية لما يسمى بجماعة الدعوة السلفية، فى حالة صدمة بعد نتائج الانتخابات البرلمانية وحصول الحزب على ثمانية مقاعد فقط فى الجولة الأولى من الانتخابات والمنافسة على ثمانية مقاعد أخرى فى الإعادة بالمرحلة الثانية، ونعرف أن هناك شماتة فى الحزب وجماعته من المقاطعين للدعوة والموالين للإخوان ومن الجبهة السلفية المتطرفة، ونعرف أيضا أن شباب الحزب ينفجرون غضبا فى وجوه القيادات الحالية للحزب والدعوة، وأن قيادات الحزب تحاول استيعابهم وتخفيف غضبهم، لكن لا يجب أن يأتى ذلك على حساب القانون والمجتمع الذى يعانى من ويلات المتطرفين.
الحياة السياسية لا تعرف شيئا اسمه الدعوة السلفية أو الجبهة السلفية أو غيرهما من الكيانات والجماعات الوهمية التى تختلق لأنفسها وجودا وتستمر بفعل التمويل الخارجى من دول عربية وأجنبية تسعى لنشر التطرف فى بلادنا أو السيطرة على بعض الفئات من خلال التوجه الدينى المتطرف لتحركها بالريموت حسب الطلب وعند اللزوم.
والقانون المصرى لا يعترف بأى جماعات دينية أو دعوية خارج المؤسسات الرسمية «الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف»، فكيف تسنى لما يسمى بالدعوة السلفية أن تجهر بإعلان مجلس شورى وأن تصدر قرارات وبيانات، وأن تحرك حملات ظاهرها التدين والدعوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وباطنها نشر الفكر المتخلف والمتطرف بين الشباب وبناء أرضية جديدة للتيار السلفى؟!
كيف يتم هذا تحت سمع وبصر الدولة التى لا تعترف رسميا بوجود أى جماعات دينية أو دعوية خارج المؤسسات الرسمية؟ ولماذا هذا الصمت المريب من جميع وزارات الدولة وأجهزتها المعنية؟ أهو الإهمال كالعادة أم التواطؤ لترضية الحزب المتطرف بعد خسارته المدوية فى الانتخابات البرلمانية؟
إذا تساهلت الدولة اليوم مع الحملات العلنية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فستواجهها غدا، ولكن بعد أن تكون جماعات مسلحة تقطع الرؤوس وتسبى النساء تحت شعارات براقة مشابهة، بل إن التاريخ القريب الحاضر أمامنا جميعا، يسجل كيف تحولت هذه الجماعات إلى قطعان تسير بالجنازير والأسلحة البيضاء فى شوارع القاهرة وعدد من المحافظات لتعذير المخالفين والمخالفات بجلد الرجال وضرب النساء فى شوارع إمبابة والمنصورة والمنيا وأسيوط، بل وصل الأمر إلى سحل المواطنين فى الشوارع بدعوى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وارجعوا إلى ممارسات الشيخ جابر عندما أعلن إمبابة منطقة محظورة على أجهزة الدولة يطبق فيها أفكاره المشابهة أواخر ثمانينيات القرن الماضى.
الرسالة التى على الدولة أن توجهها إلى تلك الجماعات الدينية، أن تبادر بحل نفسها على الفور وعدم الجهر أبدًا بأى نشاط دينى إلا من خلال الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف، وممارسة السياسة من خلال الأحزاب القائمة والمعترف بها، أما محاولة صناعة تيارات متطرفة داخل المجتمع، فلابد أن تواجه بالحسم والبتر مبكرا وبدون أى مواربة، وكفانا تواطأ حتى كاد المجتمع أن ينفجر من الممارسات الإرهابية والفكر الظلامى المتخلف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة