فى مقال لى سابق نشر فى (اليوم السابع) بتاريخ 27 / 9 الماضى تحت عنوان "أين يحج النساء؟" ذكرت حديث الرسول (عليه الصلاة والسلام) لأسماء رضى الله عنها بخصوص ملابس المرأة البالغة، وذكرت كذلك حديثه لفاطمة رضى الله عنها عما يظهر منها أمام خادمها، وكنت قرأته فى أكثر من موضع من بينها التفسير الجامع لألفاظ القرآن الكريم للقرطبى، فعلق بعض القراء أن هذين الحديثين ما بين مرفوض وضعيف، وأنا لا أجزم بقوة هذين الحديثين أو غيرهما، ولن نجزم فيما روى الرواة وفى تأويله إذا كان النبى عليه أفضل الصلوات قال "لا تكتبوا عنى إلا القرآن ومن كتب عنى شيئا فليمحه"، وإذا كان نهى عن تفسير القرآن وهو نفسه عليه السلام لم يفسر إلا آيات معدودات علمه إياها جبريل فأبلغ بما جاءه به الوحى فقط، وإذا كان هناك اختلاف فى تقويم بداية تدوين الحديث وقيل بتأخرها وكلها تواريخ يغلب عليها الظن، فقيل إنها بدأت فى عهد عمر بن عبد العزيز أى بعد ما يقرب من مئة سنة من الهجرة وقيل مئتين وقيل فى شىء من المبالغة بأنها كتبت على عهد النبى صلى الله عليه وسلم؛ رغم نهيه عليه السلام عن ذلك وأمره بمحو ما كتب؛ وفى هذا الصدد كلام عائشة رضى الله عنها أنه كان عند أبيها خمسمائة حديث كتبها عن النبى صلى الله عليه وسلم وطلب إليها إحضارها له وهو على فراش الموت وأحرقها مخافة أن تؤخذ عنه، كما رفض عمر كتابة الحديث على عهده، وما كان دليل نفى عند البعض كان دليل إثبات عند آخرين، فقد قرأت فى مقال لأحد الشيوخ؛ لا أذكر اسمه؛ أن الأمرين فى الحديث؛ بعدم الكتابة وبالمحو؛ كليهما دليل إثباتٍ بأنهم كَتَبوا! وغيره يراه دليل نفى لأنه إثبات لمحو ما كان مكتوبًا، والأهم هو أنه يثبت أن هناك أمرًا بعدم الكتابة، أما الشيخ كاتب المقال فرأى النهى أيضا لإثبات! على أساس أنهم بالقطع نهوا عن شىء كانوا يفعلونه! ولو أنهم إذا كانوا كتبوا رغم نهى النبى صلى الله عليه وسلم؛ فهو إثبات لمعصية أمر النبى صلى الله عليه وسلم! و كذلك فى قصة أبى بكرٍ فحرق الأحاديث تأكيد لعدم صحة الاحتفاظ بها مكتوبة، واذا كان أبو بكر الذى صاحب النبى صلى الله عليه وسلم حياته كلها وخليله ومحط ثقته ومن أنابه عنه فى الصلاة بالمسلمين لم يكتب إلا خمسمائة حديث فقط، ولنفسه لا للناس! وأحرقها لأمر النبى صلى الله عليه وسلم بعدم الكتابة عنه إلا القرآن، وهل من يفعل دون رغبة النبى صلى الله عليه وسلم ولم يمتثل لأمره على حياة النبى نفسه وعصاه هل يجوز أن نأخذ عنه؟
سنظل نتساءل ونختلف ويفسر أحدنا الكلام بمعنى ويفسره غيرنا بعكس المعنى تمامًا، وما هو دليل نفى يكون لأناس غيرهم دليل إثبات إلى يوم الدين، حتى بلغ أن نسخ بالحديث آيات القرآن!!! ولا أفهم كيف؟؟ أهكذا رحمة أم شقاء!! لا والله إنه رحمة، وقطعًا لا شىء ثابت ثبوت القرآن، ولو أردناها رحمة ففيما عدا كلمات القرآن، كل شىء إخْتُلِف فيه، لكلٍ رأيه وحجته فلا يخطئ بعضنا بعضا ويتعامل مع الرأى على أنه رأى.
* أستاذ بطب القصر العينى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة