اليوم الجولة الثانية من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، وذلك بعدما تمت الجولة الأولى فى 18 و19 أكتوبر الجارى، والتى اتسمت بعدة ظواهر لا بد من رصدها وقراءتها قراءة موضوعية وعلى أرضية سياسية، وذلك لأن الانتخابات بشكل عام هى المهرجان السياسى الذى يتوافر فيه للجميع فرصة عرض رؤاهم وبرامجهم وفكرهم الحزبى والسياسى حتى يمكن للناخب أن يختار ما يناسبه، وما يتوافق مع فكره وما يحقق مطالبه. فالانتخابات هى قمة العملية السياسية وتاج الممارسة الحزبية والطريق الأمثل المتاح عملياً للمشاركة فى اتخاذ القرار، وذلك عن طريق اختيار الشعب لممثليه الذين سيشرعون باسمه ويراقبون الحكومة نيابةً عنه، كما أن الانتخابات هى الموسم السياسى الهام والمهم الذى تقوم فيه الأحزاب السياسية ومرشحوها بالالتقاء بالمواطنين لشرح رؤيتهم وتسويق برامجهم للحصول على أغلبية تمكنها من تشكيل الحكومة وهذه هى الديمقراطية فى شكلها الإجرائى. فهل بالفعل نرى أن الواقع الانتخابى يشير إلى ذلك من قريب أو من بعيد؟
للأسف وحتى الآن وبعد هبتى يناير ويونيو اللتين أسقطتا مبارك والإخوان وبإرادة شعبية حقيقية جعلت الجيش ينحاز كعادته إلى الشعب، لا نزال نمارس العملية الانتخابية بنفس الطريقة وذات الأسلوب الذى يسقط كل قيمة سياسية ويبعد أى اختيار موضوعى ويعلى ويجذر ويكرس الاختيار الطائفى الدينى والقبلى والجهوى، ولذا يكون من الطبيعى أن يلعب المال دوراً رئيساً فى العملية الانتخابية، سواء كان هذا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فى الوقت الذى لا ينكر فيه أحد محاولة الوصول بالإجراءات الانتخابية وحتى فرز الصناديق إلى ما يجب أن يكون بعيداً عن التسويد والتزوير المباشر. وهذا أيضاً فى الإطار الإجرائى، أما الجانب القيمى للديمقراطية فهو الذى يتجسد فى الحرية الكاملة للمواطن فى اختيار ما يريد دون أى ضغوط مادية أو معنوية بأى صورة ومن أى مصدر. ولذا فقد رأينا أن عملية الاختيار بشكل عام تتم بعيداً عن أى شكل ديمقراطى إجرائى أو قيمى، ولذا فقد رأينا غيابا حقيقيا للأحزاب، حيث إنها بعيدة عن الشارع السياسى بشكل عام، ولذا سعت الأحزاب إلى مرشحين لا علاقة لهم بها ولا معرفة لهم ببرامجها، ولكن لأن هؤلاء المرشحين لهم تواجد قبلى وطائفى وعائلى بل لا نبالغ لو قلنا إن بعض الأحزاب قد مولت مرشحيها بهدف شراء المقعد، وليس الحصول على المقعد بناءً على الاختيار السياسى والحزبى. ولغياب وفشل الحياة الحزبية الديكورية كان من الطبيعى أن يسيطر على المشهد الانتخابى المرشحون المستقلون الذين ستتكون منهم الأغلبية البرلمانية، ولذا غاب وانتفى الصراع السياسى والحزبى وتبقى الصراع القبلى والطائفى الذى تتسم به جميع انتخاباتنا ولكننا قد شاهدنا فى الجولة الأولى ومع غياب التصويت، كما يجب، وجدنا أن هناك حشداً قبطياً ظاهراً، وذلك ليس لقيام الكنيسة بالحشد فقط، ولكن لأن جداول الناخبين تضم من 18 سنة إلى فوق، مما جعل قاعدة الناخبين بالملايين، ففى ضوء عدم التصويت من جانب والحشد من جانب آخر كانت النتيجة ولأول مرة سيخوض اليوم ثلاثة وعشرون مرشحاً قبطياً فى الإعادة، ولذا فمن الطبيعى أن تتم الإعادة على أرضية طائفية بين مسلم ومسيحى. نعم خروج الأقباط بهذه الصورة إيجابى ومطلوب، ولكن الأصح والأهم هو الخروج السياسى وليس الطائفى فلا معنى لدولة مدنية وبعد اختفاء التيار الإسلامى أن يحدث حشد طائفى مقابل باسم الأقباط. نريد الحشد السياسى على أسس حزبية سياسية وطنية تحقق شعار مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة