عيش (حرية) عدالة اجتماعية كرامة إنسانية. كلمات تحركت فى أحلام الناس قبل أن تتحرك فى صدورهم، ومن ثم على ألسنتهم لتنطلق كطلقات الرصاص لتغير تاريخ المنطقة بأثرها، ثم ما لبث القوم إلا قليلا ليفيقوا من كابوس جثم فجأة على قلوبهم، فقد تحولت الأحلام الوردية إلى كوابيس مزعجة.
لم يكن أحد من أهل أحلام الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة المنشودة يتخيل فى أسوأ أحلامه أن يكون ما حدث فى مصر من انفلات أمنى تحول فجأة إلى انفلات أخلاقى، هو النتاج الطبيعى لثورة أذهلت العالم بعدما تيقن الجميع أنه شعب لا يثور.
فقد ترك الجميع العيش والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ليهرولوا خلف الحرية المنشودة، ولكن للأسف الشديد تحولت (الحرية) إلى وجهات نظر. فقد فسرها كل شخص حسب هواه. فمنهم من اعتبر الحرية من وجهة نظره (أن أصنع ما يحلو لى وقتما أشاء بلا حسيب أو رقيب)، ومنهم من فسرها بتعقل أكثر (بأنك حر ما لم تضر)، ومنهم (وهم قلة قليلة) من فسرها أن (حريتك تنتهى عند بداية حرية الآخرين). فصارت الحرية المنشودة (صداعا مزمنا) فى رأس وطن كاد أن يسقط فى معمعة التشرذم بسبب هذا الاشتياق المرضى للحرية ثم تشعب التفاسير لكلمة الحرية.
لم يكن هذا حال العامة فقط من الشعب وتفسيرهم المختلف لمعنى الحرية. بل أسوأ ما أصاب المشهد هو تفسير الطبقة المثقفة كما يطلق عليها فالجميع (ركب الموجة) وبدأ أهل الثقافة أيضا يدلون بدلوهم فى تعريف معنى الحرية، ففتحوا العنان لأفكارهم المريضة وبدأ مسلسل الانفلات الإعلامى.
فقد بدأت تظهر برامج وأعمال فنية لا تمت للثقافة المصرية بأى صلة. إلا كونها تقليدا أعمى على أساس أن الدول التى يقلدونها تنعم بالديمقراطية ونسى بل تناسى هؤلاء أن الشعب المصرى تربى فى مجمله على المحافظة على التقليد والعادات السليمة، بالإضافة أنه شعب قريب من التدين بالطبيعة .
وبدأ أصحاب (التوك شو) التحدث عن كل شىء يهدف إلى لفت انتباه الناس (ليس لاحتراف إعلامى) بل كل الهدف هو جمع أكبر نسبة من المشاهدة لجذب شركات الإعلانات حتى يحصل مقدم البرنامج وفريق العمل على الملايين حتى لو كان هذه المادة المقدمة فى برنامجهم تسيىء للشعب المصرى أو تنشر الرذيلة فى المجتمع، وإذا أتتك الفرصة لتعترض ظهرت لك أبواق المستفيدين وبدأ النواح والعويل على الحرية المعتدى عليها وأنك إنسان رجعى ولا تفهم معنى الحرية الفكرية.
بكل اختصار يا عزيزى القارئ المحترم تحولت الحرية ذات المعنى الجميل إلى سبة فى هذا العصر بسبب سوء مستخدميها وليس لسوئها، فقد فسرها البعض حسب المزاج والكيف من أجل ذلك سميت (حرية أبو كيفو).
ثورة 25 يناير
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة